تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

Add

" الصبر الإستراتيجي" بقلم دكتور / هشام فخر الدين 

" الصبر الإستراتيجي" بقلم دكتور / هشام فخر الدين 

تعتبر مصر لاعباً رئيسياً في الشرق الأوسط، حيث تتمتع بموقع جيوسياسي فريد وتاريخ طويل في قيادة القضايا الإقليمية. وذلك في مواجهة التحديات المتزايدة خاصة في علاقاتها مع إسرائيل والولايات المتحدة، حيث تبنت مصر سياسة تُعرف بـ "الصبر الإستراتيجي". وتعتمد هذه السياسة على التأني والحكمة في اتخاذ القرارات، مع الحفاظ على المصالح الوطنية والإقليمية. 
ويمثل الصبر الإستراتيجي  نهجاً دبلوماسياً يعتمد على تجنب التصعيد المباشر في مواجهة الأزمات من منطلق القوة، مع التركيز على تحقيق الأهداف طويلة الأمد عبر الوسائل السلمية والدبلوماسية. ويتمثل هذا النهج في التعامل بحذر مع التوترات المتزايدة مع إسرائيل والولايات المتحدة، خاصة في ظل التحديات المتعلقة بقطاع غزة، ومشاريع التوسع الإستيطاني، والخلافات حول سد النهضة الإثيوبي.
حيث تعتمد مصر على هذا النهج لعدة أسباب، منها الحفاظ على استقرارها الداخلي، وحماية مصالحها الإقتصادية، وتجنب الإنزلاق إلى مواجهات مباشرة قد تُضعف موقعها الإقليمي. بالإضافة إلى ذلك فإن الصبر الإستراتيجي يتيح لمصر الوقت الكافي لبناء تحالفات إقليمية ودولية تدعم مواقفها. إلى جانب الإستمرار فى عمليات التنمية فى شتى ربوع الوطن، وخاصة سيناء فضلاً عن امتلاك الوقت الكافى لإعادة بناء الجيش المصرى وتسليحه بأحدث وأكثر الأسلحة تطوراً وتفوقاً على ما يمتلكه العدو الصهيونى.
 مع اتباع سياسة تنويع مصادر السلاح، بالإضافة إلى جعله أقوى جيش فى المنطقة  كعهده دائماً، ليحمى الأرض والوطن ويكون درعاً لبقية الدول العربية حيث أن سقوط مصر يعنى سقوط الدول العربية، فجندها خير أجناد الأرض. فضلاً عن امتلاك الوقت الكافى لتحصين سيناء وجعلها حصناً منيعاً ومصدر تهديد وترويع للعدو الصهيونى باستخدام التكنولوجيا الحديثة لتعزيز القدرات الدفاعية.
حيث تعتبر سيناء منطقة ذات أهمية استراتيجية كبرى لمصر بسبب موقعها الجغرافي الفريد الذي يربط بين أفريقيا وآسيا، وحدودها مع إسرائيل وقطاع غزة. فعلى مدار العقود الماضية، شهدت سيناء تحولات جيوسياسية وعسكرية كبيرة، خاصة بعد حرب 1967 واحتلال إسرائيل لها، ثم استعادتها كاملة لمصر بعد معاهدة السلام عام 1979. وفي السنوات الأخيرة كثفت مصر من جهودها لبناء وتنمية قواعد عسكرية في سيناء لمكافحة الإرهاب وقطع إمدادت الجماعات الإرهابية التى تمولها إسرائيل وأمريكا وبعض الدول العربية التى طبعت تطبيعاً كاملاً مع العدو الصهيونى.
فضلاً عن تأمين هذه الحدود، ومنع التسلل أو الهجمات عبر الحدود، خاصة في ظل التوترات المتكررة بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية في غزة. فضلاً عن أن وجود قواعد عسكرية متطورة في سيناء يعزز من قدرة مصر على الردع العسكري، خاصة في مواجهة التهديدات المحتملة من دول أو جماعات إقليمية. فهذه القواعد تُعتبر جزءً من استراتيجية أوسع لتحديث القوات المسلحة المصرية وتعزيز قدراتها الدفاعية. 
ولأن سيناء كانت مسرحًا للصراعات والنزاعات على مدار تاريخها الحديث. فبناء القواعد العسكرية يُعتبر تأكيداً على سيادة مصر الكاملة على أراضيها، خاصة بعد انتقادات سابقة حول ضعف الوجود الأمني في بعض مناطق سيناء. ومن خلال تعزيز وجودها العسكري في سيناء، تُظهر مصر قدرتها على لعب دور إقليمي فاعل في تأمين الحدود وإدارة الأزمات. هذا يعزز من مكانة مصر كقوة إقليمية رئيسية في الشرق الأوسط.
فعلى الرغم من معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل، فإن بناء القواعد العسكرية في سيناء يُعتبر جزءً من إستراتيجية لتحقيق توازن استراتيجي مع إسرائيل، خاصة في ظل التطورات العسكرية الإسرائيلية في المنطقة. كما تعمل مصر على تنفيذ عدة مشروعات اقتصادية كبرى في سيناء، مثل مشروعات التنمية الزراعية والصناعية والسياحية. ووجود قواعد عسكرية يساعد على تأمين هذه المشروعات وحمايتها من التهديدات الأمنية.
كما يتطلب بناء القواعد العسكرية تطوير البنية التحتية في سيناء، مثل الطرق والاتصالات والمرافق العامة. مما يساهم في تنمية المنطقة بشكل عام، ويجعلها أكثر جذباً للإستثمارات. ومن خلال تعزيز الأمن في سيناء، يمكن لمصر جذب المزيد من الإستثمارات المحلية والأجنبية.
كما يعتبر جزءً من استراتيجية شاملة تهدف إلى تعزيز الأمن القومي المصري، وحماية المصالح الاقتصادية، وتعزيز الدور الإقليمي لمصر. وعلى الرغم من التحديات التي تواجه هذه السياسة، فإنها تظل أداة مهمة لتحقيق الإستقرار في سيناء والمنطقة ككل. ويعتمد نجاح هذه الإستراتيجية على تحقيق التوازن بين الأهداف العسكرية والسياسية والاقتصادية، وهذا ما جعل مصر تتبنى سياسة الصبر الإستراتيجي في تعاملها مع العدو الصهيونى والولايات المتحدة. كما تسعى مصر إلى تعزيز دورها كوسيط إقليمي في قضايا مثل الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، والأزمة الليبية. فالصبر الإستراتيجي يتيح لمصر الحفاظ على علاقات متوازنة مع جميع الأطراف، مما يعزز مكانتها كقوة إقليمية فاعلة.
فعلى الرغم من التصعيد المتكرر في قطاع غزة، تحرص مصر على عدم الإنخراط في مواجهات مباشرة مع إسرائيل. بدلاً من ذلك تعمل مصر كوسيط لوقف إطلاق النار، وتسهيل المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين. ويعكس هذا النهج رغبة مصر في تجنب التصعيد مع الحفاظ على دورها كطرف محوري في عملية السلام من منطلق القوة.
كما تواجه مصر أزمة كبيرة مع إثيوبيا حول بناء سد النهضة، الذي يهدد حصتها من مياه النيل. وعلى الرغم من الضغوط الأمريكية الداعمة لإثيوبيا، تحرص مصر على تجنب المواجهة المباشرة، والتركيز على الحلول الدبلوماسية والقانونية. ويعكس هذا النهج سياسة الصبر الإستراتيجي، التي تهدف إلى تجنب التصعيد  من منطلق القوة مع الحفاظ على الحقوق المائية لمصر.
فسياسة الصبر الإستراتيجي التي تتبعها مصر في تعاملها مع إسرائيل والولايات المتحدة تعكس رؤية متوازنة تهدف إلى تحقيق الإستقرار الإقليمي وحماية المصالح الوطنية. وعلى الرغم من التحديات التي تواجهها هذه السياسة، فإنها تظل أداة فعالة في إدارة الأزمات المعقدة في الشرق الأوسط لتعزيز مكانتها كقوة إقليمية فاعلة.

إضافة تعليق جديد

Plain text

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.

test

ARAB OPEN UNIVERSITY
Advertisment
The subscriber's email address.