الصحة النفسية ...اضطرابات الشخصية الحدودية بقلم دكتور / هشام فخر الدين
لا شك أن هناك العديد من الاضطرابات النفسية التي تصيب الإنسان، والتي تختلف أعراضها وشدتها من شخص لآخر. ومن أشهر الأمراض النفسية الاكتئاب والذى يعبر عن حالة نفسية تتسم بالحزن الشديد وفقدان الاهتمام والاستمتاع بالأمور اليومية. وهناك القلق وهو حالة تتضمن توتراً وقلقًا مفرطين بشكل دائم. وهناك أيضاً اضطراب الهلع وهو حالة تصاحبها نوبات من الخوف الشديد والقلق.
وهناك أيضا اضطراب الشخصية الحدودية والذى يعبر عن حالة تتسم بتقلبات مزاجية وعلاقات معقدة بين الأشخاص. فـــــــــــــــ اضطراب الشخصية الحدودية (BPD) هو اضطراب نفسي يتميز بنمط سلوكي وعاطفي متقلب وعلاقات بين الأشخاص معقدة. ويصبح واضحاً عادة في سن المراهقة والشباب البالغين، وقد يظل موجودا طوال حياة الشخص. حيث يعاني الأفراد المصابون بـ BPD من تقلبات مزاجية شديدة، وعواطف مكبوتة، وتفاعلات اجتماعية معقدة.
كما يعانى المريض من تقلب مزاجي حيث يعانى الأفراد مع BPD من تغيرات مفاجئة في المزاج والعاطفة، وقد يمرون بفترات من الاكتئاب والقلق المكثف. مع عدم الاستقرار في العلاقات. فالعلاقات الشخصية تكون غالبا معقدة ومتقلبة، وقد يصعب على الأشخاص المصابين بـ BPD الاحتفاظ بصداقات طويلة الأمد. ويمكن للأفراد أحيانا القيام بأفعال متهورة أو خطرة دون التفكير في عواقبها.
فضلاً عن الخوف من الهجر والتخلي حيث يعاني الأفراد من هذا الاضطراب من خوف شديد من أن يتم التخلي عنهم أو هجرهم. ويمكن أن يتجلى هذا في محاولات الانتحار أو التهديدات بالانتحار للحفاظ على العلاقات. أيضاً التمييز الذاتي غير الواضح فقد يكون لديهم صعوبة في تحديد هويتهم الشخصية وأهدافهم في الحياة. وفى بعض الأحيان قد يلجأون إلى سلوكيات ضارة مثل التسليط الذاتي أو انفعالات عنيفة للتعامل مع مشاعرهم.
ولا تزال الأسباب الدقيقة لـ BPD غير معروفة بدقة، ويُعتقد أنها تنجم عن تفاعل معقد بين العوامل الوراثية، فـــــــــ هناك دلائل على أن هناك عوامل وراثية قد تلعب دوراً في تطوير BPD ، إذا كان هناك تاريخ عائلي لإضطرابات نفسية، فإن احتمالية وجودها لدى الشخص قد تزيد.
وفيما يخص العوامل البيئية فـــــ بيئة النشأة يمكن أن تلعب دورا كبيرا. فعلى سبيل المثال تعرض الأطفال للإساءة الجسدية أو النفسية أو الجنسية أو الإهمال خلال الطفولة، يمكن أن يزيد من احتمالية تطوير BPD. فضلا عن القسوة والتشدد في التربية فـــــــ البيئة التربوية التي تتسم بالتشدد الزائد أو بعدم التوجيه، والاهتمام الكافي من الوالدين يمكن أن تؤثر سلبا على تطور الشخصية، وتزيد من احتمالية تطوير BPD.
أيضا التعرض للتجارب الصادمة، حيث إن التعرض لأحداث صادمة مثل الفقدان، أو الإصابة بالعنف، أو الصراعات الأسرية الكبيرة يمكن أن يكون له تأثير على تكوين شخصية الفرد.
مع اضطرابات الدماغ والهرمونات فـــــ هناك بعض الأبحاث التي تشير إلى أن تغيرات في وظائف الدماغ والهرمونات يمكن أن تكون مرتبطة بظهور BPD.
أيضاً العوامل العصبية والنفسية، حيث تفاعلات النفس والعقل والعواطف يمكن أن تلعب دوراً في تطويرBPD. فضلا عن العلاقات الاجتماعية السلبية ، فــــــــــ العلاقات الاجتماعية المؤذية أو عدم التوجيه الاجتماعي الصحيح يمكن أن تزيد من احتمالية تطوير BPD. مع ملاحظة أن هذه العوامل قد تختلف من شخص لآخر، وليس هناك عامل واحد يمكن أن يشرح بالضبط سبب. BPD. وعادةً ما تكون هذه العوامل متداخلة.
ويمكن علاج اضطراب الشخصية الحدودية بنجاح من خلال مجموعة من الأساليب العلاجية مثل العلاج النفسي، وخاصة العلاج السلوكي المعرفي (CBT) ، حيث يُعد CBT أحد العلاجات النفسية الأكثر فعالية لعلاج BPD ويهدف هذا العلاج إلى مساعدة الأفراد على فهم وتغيير الأنماط السلوكية والتفكيرية الضارة، فــــــــــ يعمل على تعزيز الوعي بالعواطف وتعليم استراتيجيات التحكم في التفاعلات العاطفية.
هذا مع علاج الاتجاه العقلي DBT والذى تم تطويره خصيصا لمعالجة BPD فيركز هذا العلاج على تطوير مهارات التحكم في العواطف والتفاعل الاجتماعي، وتحقيق التوازن بين القبول والتغيير. وأيضا العلاج بالأدوية حيث يتم استخدام بعض الأدوية للمساعدة في إدارة بعض الأعراض المصاحبة لـ BPD مثل القلق والاكتئاب، أو الانفعالات الزائدة. فضلا عن العلاج الأسرى والدعم الاجتماعى . مع العلم بأن العلاج يتطلب وقتا طويلا نسبيا وجهدا مضاعفاً.
فـــــــــــــ اضطرابات الشخصية الحدودية يمثل تحديات كبيرة للأفراد الذين يعانون منها، وللأشخاص الذين يتفاعلون معهم. فإدارة هذه الاضطرابات تتطلب دعما مهنيا وعلاجا نفسيا متخصصا مثل العلاج السلوكي المعرفي وعلاج الاتجاه العقلي.
Recent comments