تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

Add

مقالات المسلمون السنّة في لبنان وإشكالية القيادة الراشدة

مقالات المسلمون السنّة في لبنان وإشكالية القيادة الراشدة

لم يشهد المسلمون السنّة في لبنان تجربة أشد قسوة وأكثر إيلاماً مما هم عليه الآن وفي هذه الأيام الصعبة التي يرسم فيها مستقبل لبنان، ودور نظامه السياسي محلياً وإقليمياً وحتى دولياً من خلال اللجنة الخماسية أو من بوابة اللقاءات السعودية – الفرنسية، واستطراداً بتحرك الموفد الرئاسي الفرنسي لودريان على أمراء تعطيل الانتخابات الرئاسية، في ظل الغياب الواضح للمرجعية السياسية الإسلامية السنية عن المشاركة الفاعلة في صناعة القرار لإخراج لبنان مما هو فيه من ويلات وأزمات وأدران مستعصية.

ولأول مرة في تاريخ لبنان الحديث لا يجتمع المسلمون السنة أو نوابهم خلف قيادة واحدة، أو قيادة ثنائية جامعة، حتى ولا ثلاثية متنوعة، ولا تجمع أكثريتهم كتلة نيابية وازنة. فهم أشبه بالأرض المشاع تتقاسم أكثريتهم القوى السياسية المتناحرة، الموالية منها والمعارضة. وهم في هذه الأيام كالورقة المعلقة في الهواء تحركها الرياح كيفما شاءت، خصوصاً أن الساحة اللبنانية أضحت مرتعاً لقوى إقليمية تحتضن هذه الفئة من اللبنانيين أو تلك، وأخرى دولية متنازعة المصالح والأهداف والغايات. واللبنانيون بأكثريتهم موزعون في ولاءاتهم بين هذه القوى الاقليمية أو تلك، بحجة الحافظ على الذات ومصالح الطائفه أو المذهب ، وغدا الولاء الوطني أكثر من ضعيف، والمجلس النيابي المفترض أن يكون ضمانة وطنية جامعة منقسم على ذاته عامودياً بين موالاة يقودها الثنائي الشيعي بدعم إيراني وبيده عصا غليظة وجزرة وهمية، ومعارضة متنوعة بقيادة مارونية – مسيحية تتقاطع مصالحها الظرفية على مرشح رئاسي، وتئن من الواقع اللبناني المأزوم، وتشكو من هيمنة الدويلة على هيبة الدوله، وترفض الرضوخ للواقع المأزوم، وتدعو إلى الحياد الإيجابي في إطار جامعة الدول العربية، كما هو حال النمسا في الاتحاد الأوروبي.

والسؤال المطروح لدى الأوساط المتابعة محلياً وعربي: أين هو دور المسلمين السنة؟ وأين هي قيادتهم؟ وهم أهل الدولة ومؤسساتها، وركنها الأساسي، وهل يمكن بناء دولة لبنانية وطنية جامعة في ظل غياب أو تغييب الدور الأساسي والفاعل للمسلمين السنة في لبنان؟ وأين هي المرجعية السياسية الوطنية التي تجمع ولا تفرق، وتبني الوطن بثقافة المواطنة وبالإنماء والإعمار المتوازن؟ وتعمل على احتواء تطلعات وهوس الرؤوس الحامية مذهبياً وطائفياً؟ ولماذا لم يستطع هؤلاء النواب أن يفعلوا ويطوروا لقاءهم الوطني بامتياز الذي عقد بتاريخ 24 أيلول 2022م. في دار الفتوى برعاية ومتابعة سماحة مفتي الجمهورية الشيخ عبداللطيف دريان، والمتضمن الإسراع في انتخاب رئيس جمهورية لكل اللبنانيين، وتشكيل حكومة جامعة، والتمسك بوثيقة الطائف وبالثوابت الاسلامية العشرة الصادرة عن دار الفتوى عام 1986؟

دار الفتوى وسيدها لا يمارسان العمل السياسي اليومي المتعارف عليه في لبنان، وإنما يتابعان ويدعمان وينهضان بالعمل الوطني الهادف لبناء الدولة الوطنية الجامعة لأبنائها والمحصنة لمجتمعها.

في ظل هذا الانقسام الحاد بين نواب لبنان العاجزين عن انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة، وقبل أن يَرحلوا أو يٌرحلوا، هل يمكن لنواب المسلمين السنة الموزعين والمتباعدين ومن معهم من الحلفاء أن يعيدوا للوطن توازنه ويكرروا دور الرئيس الشهيد الرمز رياض الصلح، أو الرئيس الشجاع صائب سلام، أو الرئيس الشهيد الصالح رشيد كرامي، أو الرئيس الشهيد الأسطورة رفيق الحريري؟ أم أننا سنبقى في هذا التيه الإسلامي والوطني بانتظار إنتاج وإظهار قيادة إسلامية راشدة تعيد لبنان المختطف من حديثي النعمة والسلطة إلى دوره الوطني الريادي، وبالتالي إلى الحضن العربي ليبقى سيداً حراً عربياً بدوره التاريخي ورسالته الحضارية الهادفة لوحدة المسلمين والمسيحيين في وطن الأرز لبنان.

إضافة تعليق جديد

Plain text

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.

test

ARAB OPEN UNIVERSITY
Advertisment
The subscriber's email address.