عند الامتحان يُكرم المرء او يُهان،
لقد قضينا وقتاً كبيراً من طفولتنا نستمع الى هذا القول عند أي استحقاق مدرسي او جامعي.
وهذه المقولة يمكن تطبيقها الى حد كبير على الانتخابات بحيث تتظّهر بشكل واضح الارادة الشعبية للمرشح، فيفرز الناجحون من الخاسرون.
انما سمح القانون ان يطعن الخاسر بنتيجة الانتخابات في حال توافرت الشروط اللازمة لذلك.
سوف نناقش في معرض بحثنا الطعون الانتخابية النيابية مرفقة بالأمثلة والمقارنة مع السوابق.
يوجه الطعن بصحة نيابة نائب منتخب الى رئاسة المجلس الدستوري بموجب طلب يسجل في قلم المجلس وفقا ً للمادة 25 من قانون انشائه.
وقد اعطي حق الطعن للمرشح الخاسر شرط ان يكون من الدائرة الانتخابية عينها ومرشحا عن المقعد النيابي نفسه.
على المرشح الخاسر ان يقدم الطعن الى رئاسة المجلس الدستوري في مهلة أقصاها ثلاثين يوما ًتلي تاريخ إعلان نتائج الانتخاب أصولاً، تحت طائلة ردّ الطلب شكلا، ويقوم المجلس الدستوري بإبلاغ المطعون بنيابته بالمراجعة، وعليه أن يرد على هذه المراجعة في مهلة أقصاها 15 يوماً ومن ثم يباشر المقرر بإجراء التحقيقات اللازمة لوضع تقريره في الطعن ورفعه إلى رئيس المجلس الدستوري.
حصر اختصاص المجلس الدستوري بالنزاع القائم بين المرشح الخاسر ومنافسه النائب الفائز المطعون في صحة انتخابه فقط وبعدم النظر في صحة العملية الانتخابية برمّتها.
وبالتالي، فان ابطال نيابة أحد النواب بنتيجة الطعن المقدم من المنافس الخاسر، لا يمتد بمفاعيله الى ابطال انتخاب نائب آخر حتى ولو كان هذا الانتخاب مشوباً بالمخالفات عينها.
فالدعوى لا تهدف الى النظر في المخالفات التي طالت العملية الانتخابية بحد ذاتها، بل تبقى محصورة بين الطرفين المتنازعين لجهة النظر في الأسباب القانونية التي بُني على أساسها هذا النزاع.
أن مهمة المجلس الدستوري ترتكز على درس العيوب والأخطاء الحسابية والمخالفات الانتخابية، التي أدت إلى إفساد النتيجة المعلنة.
لا يكفي أن تكون وقعت مخالفات فقط، بل يجب التثبت مما إذا كانت هذه المخالفات جسيمة واكيدة سببت بخسارة الطاعن، أو إذا كانت المخالفات أدت إلى فارق كبير بالأصوات.
في العام 2022 بلغ عدد الطعون خمسة عشرة طعناً شملت ثمانية عشر نائباً فائزاً، موزعين على مختلف المناطق، إذ سجل طعن واحد في كل من دوائر بيروت الأولى والثانية، الجنوب الأولى والثالثة، جبل لبنان الثانية والثالثة، البقاع الأولى والشمال الأولى، فيما حظيت دائرة الشمال الثانية (طرابلس – المنية – الضنية) بالعدد الأكبر وهي أربعة طعون.
اعطى قانون المجلس الدستوري مهلة شهر للمجلس ان يبت بالدعوى وهي مهلة غير ملزمة وقد تمتد بحسب ما تقتضيه التحقيقات، مثلاً في عندما تأخرت هيئة الاشراف على الانتخابات من تقديم تقريرها الى المجلس الدستوري كما حصل في العام 2018، او قد يحصل تأخير خارج إرادة المجلس الدستوري، مثلاً كتأمين سبعة أصوات من أصل عشرة أصوات يشكلون أعضاء هيئة المجلس.
يستدعي المجلس الدستوري من يراه مناسباً لاستماع الى افادته وهذا الاستدعاء لا يستثني احداً من نواب او وزراء او ضباط او قضاة او موظفين .....
في الخامس عشر من شهر تموز تنتهي المهلة المعطاة لهؤلاء النواب المطعون بنيابتهم للإجابة على هذه الطعون.
من بعد انتهاء المهلة المعطاة للنواب للإجابة على الطعون، اعطى القانون مهلة ثلاثة أشهر كحد اقصى للمقررين كي يقدموا تقاريرهم الى هيئة المجلس في الخامس عشر من تشرين الأول.
بين الخامس عشر من تشرين الأول والعشرين منه، يدعو رئيس المجلس الدستوري الى جلسة وتعتبر هذه الجلسة مفتوحة الى حين صدور القرار بالطعن على ان لا تتعدى المهلة الشهر الواحد، ولكنها مهلة غير ملزمة كما استقرّ الاجتهاد ويمكن ان تمدد إذا ما دعت الحاجة.
اذن بحسب القانون ففي العشرين من تشرين الثاني يُصدر المجلس الدستوري قراراته بالطعون الخمسة عشر.
وبحسب المادة 26 من قانون المجلس الدستوري، فيما لو ابطلت نيابة أحد النواب او أكثر، فأن هذا الابطال لا يسري على الفترة التي كان فيها النائب نائباً، أي مثلاً لا يتأثر تصويته لرئيس المجلس النيابي او نائبه او لأعضاء هيئة المجلس او اللجان النيابية .....
وفي الختام يجب التنويه بأن لبنان كان ولا يزال رائداً في حماية الحريات على أنواعها منذ كان عضو عامل ومؤسس في جمعية الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية، لنعرف مما تقدم لما اعطى المشترع اللبناني الحق لكل من وجد نفسه مظلوماً كي يتمكن من تقديم طعنه وللمطعون بنيابته حق الدفاع عن نفسه.
المحامي جو عقيقي
Recent comments