تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

Add

ملف الرئاسة يتحرّك.. والحسم قد لا يتأخّر

ملف الرئاسة يتحرّك.. والحسم قد لا يتأخّر

حدثان بارزان شهدهما الاستحقاق الرئاسي في الايام القليلة الماضية. تمثل الأول في الزيارة التي قام بها المرشح الرئاسي سليمان فرنجية الى باريس حيث أجرى محادثات أحيطت بالتكتّم، ولا تزال تداعياتها قائمة حتى اليوم، لجهة قراءة النتائج التي قد تكون أفضت اليها. وتمثل الحدث الثاني في الزيارة التي قام بها وزير الدولة القطري للشؤون الخارجية محمد بن عبد العزيز الخليفي الى بيروت، حيث قام بجولة واسعة على المسؤولين والقوى السياسية في البلد، تحت عنوان جسّ النبض لمعرفة امكانية تحريك الاستحقاق الرئاسي.

والى جانب هذين الحدثين، برز حدث ثالث تمثل بلقاء النواب المسيحيين في حاريصا تحت عباءة البطريرك الماروني بشارة الراعي، ولو ان هذا اللقاء لا يرتقي الى المستوى السياسي وظل في الاطار الروحاني والتمنيات.

من خلال ما تسرّب من معلومات ولو شحيحة، ومن خلال المواقف اللاحقة، يمكن الاستنتاج بأن زيارة فرنجية الى باريس لم تحسم الملفات العالقة في الاستحقاق الرئاسي، بل قد تكون زادت الامور تعقيداً وغموضاً، على اعتبار ان فرنجية الذي يحظى بدعم الثنائي الشيعي، لا يزال يعاني من مشكلتين معقدتين: الاولى تتعلق بالرفض المسيحي له، والثانية ترتبط بالموقف السعودي الرافض لوصوله، رغم كل المحاولات التي أجرتها باريس مع الرياض لتليين موقفها. ورغم ان البعض حاول ان يروّج بأن فرنجية عاد مرتاحاً من العاصمة الفرنسية، على اعتبار ان المسؤولين الفرنسيين أبلغوه ان عليه ان يقدّم ضمانات الى السعودية لكي تبدّل في موقفها. لكن مثل هذا الكلام لا يوحي بايجابيات على الاطلاق، لأن الجميع يعرفون ان نوعية الضمانات المطلوبة يعجز فرنجية عن تقديمها، وبالتالي لا أمل حتى الان، وضمن المعطيات الحالية، في حصول تغيير قد يسمح بالقول انه يمكن ان يصل الى بعبدا.

أما بالنسبة الى الموفد القطري الذي جال على السياسيين والاحزاب في لبنان، فان مهمته بدت استطلاعية، وتهدف الى تأكيد الاهتمام القطري بالاستحقاق من زاوية ان قطر باتت منخرطة في الوضع اللبناني اكثر، من خلال انضمامها الى الكونسورتيوم النفطي الى جانب توتال الفرنسية وايني الايطالية. كما ترجّح المعطيات ان الزيارة منسّقة مع الرياض، بحيث لم يخرج مضمون المحادثات التي أجراها الخليفي مع من التقاهم في بيروت، عن الخطوط العريضة للمطلب السعودي الذي يشدّد على ضرورة وصول رئيس وسطي غير محسوب على محور الممانعة. ومن المعروف، ان السعودية تؤكد لكل من يراجعها في الملف الرئاسي، انها غير مستعدة لتكرار تجربة العماد ميشال عون، وان مبدأ الضمانات سقط الى غير رجعة. وفي المعطيات ان الخليفي كان مستمعاً اكثر منه متحدثاً، لكن ذلك لا ينفي ان الرجل أعطى اكثر من اشارة الى مُحدّثيه يمكن الاستنتاج منها ان الدوحة مثل الرياض مُقتنعة بضرورة وصول رئيس توافقي الى بعبدا، لا ينتمي الى اي محور داخلي او اقليمي.

وقد جاء توقيت العقوبات الاميركية على الاخوين رحمة، لتؤكد ان الموقف الاميركي ليس حيادياً في مسألة الرئاسة، وان واشنطن لا تدعم التوجّه الفرنسي الذي يحاول التسويق لفرنجية. وتدرك واشنطن ان باريس ترغب في وصول شخصية محسوبة على محور الممانعة، مقابل الاتفاق على رئيس حكومة محسوب على المحور المقابل. ويبدو ان الحسابات الفرنسية تنطلق من واقع المصالح الاقتصادية للدولة الفرنسية. اذ أن تجربة التعاون مع حزب الله في لبنان كانت مُجدية بالنسبة الى الفرنسيين، الذي تمكّنوا من الحصول على امتياز قيادة كونسورتيوم التنقيب عن الغاز والنفط في لبنان، انطلاقاً من الجنوب بعد الاتفاق على الترسيم البحري مع اسرائيل. كما حصل الفرنسيون على امتيازات اقتصادية في مرفأ بيروت، ومرفأ طرابلس، وفي المطار وفي البريد. وهم يعتبرون بالتالي، ان التعاون مع حزب الله يساعدهم على توطيد تواجدهم الاقتصادي في لبنان، وعلى الحصول على امتيازات قد يعجزون عن تحصيلها مع اي فريق آخر.

لكن حسابات الحقل قد لا تتطابق مع حسابات البيدر، حيث يتضح ان الاعتراضات السعودية والاميركية المُضمرة على هذا التوجّه ستفشّل الطموحات الفرنسية، وان الكفة ستميل في النتيجة لمصلحة العودة الى مبدأ الاختيار من لائحة الاسماء المعتدلة، التي جرى تصنيفها على انها لائحة الشخصيات الوسطية المقبولة والتي لا تنتمي الى المحاور القائمة. وقد أصبحت هذه اللائحة طويلة تضمّ اسماء جرى جمعها بالتشاور مع كل من يعنيهم الاستحقاق. وهي تشمل الاسماء التالية: جوزيف عون، إبراهيم كنعان، جهاد أزعور، زياد بارود، روجيه ديب، صلاح حنين، جورج خوري، فريد الياس الخازن ونعمة افرام، زياد حايك، ورجل الأعمال المقيم في الولايات المتحدة فيليب زيادة. وبالتالي، بات من شبه المؤكّد ان اختيار الرئيس المقبل سيتم في النتيجة من خلال اختيار الشخصية المناسبة، من هذه الاسماء. أما سليمان فرنجية وميشال معوض اللذين يرِد اسماهما في اللائحة، فانما من باب رفع العتب، على اعتبار انه يتمّ تصنيفهما على اساس انهما مرشحا تحدٍ، وبالتالي فان حظوظهما متراجعة قياساً بالمناخ السائد حالياً.

إضافة تعليق جديد

Plain text

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.

test

ARAB OPEN UNIVERSITY
Advertisment
The subscriber's email address.