خاص برايفت ماغازين: نقيب المزارعين في البقاع إبراهيم ترشيشي: نأمل أن لا نكون في بداية الأزمة
زحلة لا تلفظ الغريب
صحيحٌ أنّ إسمه ليس مدرجاً على لوائح شطب مدينة زحلة كما هو مدونٌ على الهويّة، إلاّ أنّه يحمل هذه المنطقة في وجدانه وعقله وذاكرته. فللـ «زحالنة» مكانةٌ خاصة في قلب هذا الرجل الذي تربطه بعاصمة البقاع علاقة حبّ متبادلة. إذ ان غالبيّة وقته يمضيه في حضن المدينة وبين ناسها الذين أصبحوا أوفى الأصدقاء لا بل العائلة الثانية التي يمكن اللجوؤ اليها كيفما تبدّلت الأحوال والظروف، فهو بات واحداً من أهل البيت، هذا البيت الكبير الذي إستضاف كبار الرجالات من سياسيين وكتّاب وشعراء وفنانين وإعلاميين الذين خلّدوا إسم المدينة في كتاباتهم وأشعارهم وألحانهم وكافة أعمالهم.
زحلة لا تلفظ الغريب، قال نقيب المزارعين في البقاع الأستاذ إبراهيم ترشيشي في حديث خاص لأسرتنا حيث أشار إلى أن الجميع مُرّحب بهم في هذه المدينة العريقة التي تجمع الناس تحت جناحها من دون تفرقة أو تمييز، وأضاف: «لقد قضيت هنا أجمل لحظات عمري، ولا مبالغة في القول بأنّ إحساساً عظيماً يراودني حين آتي إلى هذه المدينة، حيث يكفي أن أتذكر بأنّ كبار العظماء والعمالقة مرّوا من هنا».
وتابع: «لا عجب في ذلك الشعور، فهنا يكون الكلام صافياً نابعاً من القلب، والإحساس يكون صادقاً نقياً تماماً كهواء وادي العرائش الذي تغنّى به كلّ من جلس في ظلال أشجاره».
هذا ولفت النقيب إلى أن كلّ ما في هذه المدينة يعتبر راقياً وحضارياً، حتى ان النقاش السياسي بين الخصوم يكون هادئاً وبعيداً عن المتاجرات الرخيصة، مؤكداً في هذا الإطار أن عروس البقاع وعروس كلّ الوطن جعلتنا نفتخر بهذا البلد وانتمائنا إليه.
نواجه حواجزاً وعوائق أكبر من قدرتنا وطاقتنا
ومن زحلة الوجدان إلى شؤون وشجون القطاع الزراعي في ضوء الأزمة الإقتصادية والمالية إنتقلنا للحديث مع النقيب ترشيشي الذي شرح لنا واقع ومعاناة هذا القطاع، حيث قال: «بكلّ صراحة، إنّها المرّة الأولى التي نواجه فيها حواجزاً وعوائق أكبر من قدرتنا وطاقتنا، نحن بالفعل نشعر بأنّنا نواجه مشكلة مستعصية ولا حلول أمامنا. صحيحٌ بأننّا عشنا الحرب وظروفها والأيّام السوداء الصعبة، وصحيحٌ أيضاً بأننا تحمّلنا، وعذراً للتعبير، قرف المسؤولين من مختلف الأطراف في خلال تلك الحرب المشؤومة، إنّما لم يسبق لنا أن وقعنا بأزمة مشابهة حيث لا ندري متى وكيف الخروج منها».
وأضاف: «نحن في المجهول وكأنّما يوجد مخططٌ لإسقاط البلد، وللأسف ليس هناك مجالاً لتبشير الناس ولو ببارقة أملٍ واحدة، فحتى اللحظة لا يوجد أمامنا باباً أو طاقة فرج، حتى أنّ كبار المسؤولين والقادة والرؤساء لا يدرون إلى أين نتجه، فهناك مجموعة مشاكل متداخلة ومترابطة لا تقتصر على الإقتصاد أو الفساد أو السياسة».
وعن رأيه بثورة 17 تشرين وتقييمه لآدائها، فاشار ترشيشي إلى وجوب تحديد العناوين، معتبراً ان شعار «كلن يعني كلن» لا يفي بالغرض المطلوب، حيث قال: «يجب توجيه السهام نحو العنوان الصحيح ويجب تسمية الأمور بأسمائها بدل إطلاق عناوين فضفاضة لا توصل إلى نتيجة، فبهذه الطريقة تختلط الأمور وتضيع المسؤوليات».
هذا وحذّر ترشيشي من الدعوات إلى تخريب كلّ المؤسسات وكلّ الإدارات كطريقة للتعبير عن الغضب، حيث قال: «ليس هناك أسهل من التخريب والتدمير، لكن عمليّة البناء ليست أمراً سهلاً على الإطلاق، وعلى الشارع ان يعي مخاطر ذاك الأمر».
غير ان النقيب لا يقلل من شأن الإنتفاضة الشعبية وأهميّتها على مستوى الوطن بحيث أكدّ على أن الثورة واجبٌ وحق، إنّما لا يجب أن تنحرف عن مسارها ولا يجب أن تشكلّ أداةً لدولٍ هدفها التخريب. فالثورة يجب أن تصبّ في مصلحة الشعب اللبناني، لذلك يجب أن تقوم على أسس ومبادئ ثابتة موحدة في كافة المناطق.
ثلاثة أسباب مباشرة لارتفاع أسعار الخضار
في سياقٍ آخر وحول إرتفاع أسعار الخضار والفاكهة الذي يشتكي منه اللبنانيون لا سيّما في الآونة الأخيرة، فأوضح النقيب ترشيشي إلى ان الإرتفاع يطال الخضار وليس الفاكهة التي تبقى إنتاجاً محلياً والتي حافظت على سعرها الإعتيادي».
وفي هذا الإطار أيضاً، أوضح ترشيشي ان إرتفاع أسعار بعض الخضار هو أمرٌ طبيعي في هذا الوقت من كلّ سنة، إنما ما حصل هذا العام بالتحديد هو إرتفاع سعر صرف الدولار. بإختصار ثلاثة أسباب مباشرة أدّت إلى إرتفاع الأسعار وهي سوء الأحوال الجوية، الخلاف مع الأردن، وأخيراً إرتفاع سعر صرف الدولار.
ولدى سؤالنا عن مدى تأثير عامل الدولار في الزراعة والإنتاج المحلي، قال النقيب: «انّ الدولار حاضر في كلّ مكان، في البذور والأدوية والآلات الزراعية وقطع الغيار باعتبار انّها مستوردة وندفع ثمنها بالعملة الخضراء». وحول إمكانية إنقاذ القطاع، أوضح بأن المطلوب اليوم هو أن يقوم مصرف لبنان بفتح إعتمادات بالدولار حتى يتمكن المزارعين من شراء المستلزمات الزراعية كافة وبالتالي تأمين استمرارية القطاع وإنتاجيته. هذا وإعتبر النقيب بأنّ المصارف ومن خلال إجراءاتها ساهمت بشكلٍ مباشر بشلّ الحركة الإقتصادية والتجارية في البلد مما زاد من حدّة الأزمة الإقتصادية، حيث قال: «ان مشكلة التحويلات أدت إلى خلق أزمة كبيرة وأدت الى ازدهار السوق السوداء»، مضيفاً: «بالفعل لقد عاد بنا الزمن إلى عصر الجهل واللاحضارة، فاليوم تحوّلنا إلى بلدٍ نقدي بعدما كنا نتعامل بالشيكات التي كانت مصدر إطمئنان وأمان بين المتعاملين». وفي نهاية هذا الحديث وعن كيفية الخروج من هذا النفق، فشدّد على أن أحداً لا يعلم كيف ستنتهي هذه الأزمة، متمنياً أن لا نكون في بداياتها.
Recent comments