شكوى متحدون ضد سلامة هي شكوى كل مودع بعيد عن السياسة وخير رد على "الليرة بخير"
أخيراً، أخدت جلسة التحقيق في ٣ آذار الجاري في الشكوى الجزائية رقم ٥٩/٢٠٢١ والمخصصة لاستجواب المدعى عليه حاكم مصرف لبنان رياض سلامة أمام قاضي التحقيق في جبل لبنان آرليت تابت مسارها المرجوّ. الجلسة التي استمرت لحوالي الساعتين تركّزت على استجواب الجهة المدّعية محامي تحالف متحدون رامي عليق وسينتيا حموي وسامانتا الحجار وجورج كيروز وزينة اللقيس ولودي عبد الفتاح وفيروز علّيق وزينة العكاوي، بحضور المحامين رامي علّيق وسينتيا حموي وسامانتا الحجار عنهم، لعبت خلالها القاضية تابت دور القاضي الذي يدير ملف الدعوى أمامه بكل مهنية وتجرّد من خلال تفنيد مضمون الشكوى المباشرة وكل ما أدلت به الجهة المدّعية بوجه المدعى عليه سلامة، مع توجّه الحاضرين لوضع ما أثير من قبل من خلاف بين القاضية والمدّعين بعد انفضاض جلسة التحقيق السابقة بتاريخ ٢٠ كانون الثاني ٢٠٢٢ جانباً، بهدف خروج الجلسة بنتيجة مجدية للتحقيق ولمسار الدعوى بوجه حاكم المصرف المركزي وما تضمّنته من إدلاءات وحقائق لا تمس بالمدّعين فحسب، بل بكل مودع وكل لبناني مقيم أو مغترب يعاني مما وصلت إليه أحوال البلد من رداءة.
ورغم تغيّب المدعى عليه سلامة عن الجلسة وحضور وكيله المحامي شوقي قازان الذي تقدّم بطلب معذرة تمّ ردّه من قبل القاضية تابت وتدوين ذلك على محضر الجلسة، ورغم تريّث القاضية تابت في اتخاذ إجراء كان متوقعاً بحق المدعى عليه كإصدار مذكرة توقيف غيابية بحقه أو سواه، فإن مسار الجلسة بالشكل الذي جرى كان باعثاً على الارتياح لرؤية المسار القضائي في قضية بهذا الحجم يتقدّم بشكل يخدم حسن سير العدالة، ما قد طال انتظاره.
وقد جرى الاستجواب وفق منطوق قرار محكمة التمييز الجزائية الصادر في ١٥ أيلول ٢٠٢١ الذي نص على إنفاذ كل مواد قانون العقوبات سيّما المواد ٣١٩ و٣٢٠ حول النيل من مكانة الدولة المالية، و٣٥٩ و٣٦٠ و٣٦٣ حول الاختلاس واستثمار الوظيفة، والمادة ٣٧٣ حول إساءة استعمال السلطة، وما عُطف عليها من مواد في القانون نفسه وفي قوانين أخرى كقانون الموجبات والعقود، مع استثناء الجرائم المدّعى بها سنداً لقانون النقد والتسليف. هذا مع لحظ أن "قاضي التحقيق يضع يده على الدعوى بصورة موضوعية" أي بإمكانه إثارة أي وصف جرمي إضافي ينطبق على وقائع الدعوى أمامه من تلقاء نفسه، ومع لحظ التقدّم بطلب الإذن بملاحقة المدعى عليه سلامة أيضاً سنداً لقانون النقد والتسليف عبر قاضي التحقيق إلى النيابة العامة المالية صاحبة الاختصاص، والذي ينتظر البت النهائي فيه استكمال تزويد الأخيرة من قبل القاضية تابت ببعض المستندات، علماً بأن انطباق مواد قانون العقوبات على واقعات الدعوى الحاضرة يُعدّ متحققاً بقوة وبشكل ملفت لا سيّما ما يتعلق بالمواد المشار إليها آنفاً.
مثال عما نصّت عليه الجرائم المدّعى بها في الشكوى من جنايات وجنح سنداً لقانون العقوبات:
- من أذاع وقائع ملفّقة ومزاعم كاذبة لإحداث التدنّي في أوراق النقد الوطنية أو لزعزعة الثقة في متانة نقد الدولة وسنداته وجميع الأسناد ذات العلاقة بالثقة المالية العامة...
- يستحق العقوبات نفسها كل شخص تذرّع بالوسائل عينها لحض الجمهور إما على سحب الأموال المودعة في المصارف والصناديق العامة أو على بيع سندات الدولة وغيرها من السندات العامة أو على الإمساك عن شرائها...
- إذا وقع الإختلاس بدس كتابات غير صحيحة في الدفاتر...
- اقتراف الغش للإضرار بالأموال العمومية...
- إذا نجم عن الفعل ضرر بمضالح الإدارات والمؤسسات... أوجب تشديد العقوبة... ويمكن أن يُحكم بغرامة تعادل قيمة الضرر...
- إلخ...
وقد خلُصت الجلسة إلى تكليف الجهة المدّعية إبراز عدد كبير من الوثائق والمستندات التي تؤيد مضمون الشكوى، الأمر الذي أكد المحامون المدّعون على الاستجابة له وبشكل كامل، وإلى إرجائها إلى ٢٦ أيار ٢٠٢٢ مع تحديدها لاستجواب المدعى عليه سلامة بالذات، ما يمنح الجهة المدّعية الوقت المطلوب للانتهاء من هذه المهمة الأساسية كما والقاضية تابت لحسن الإطلاع عليها قبل موعد الجلسة المقرَّر.
تبقى الإشارة إلى أمرين: الأول، كون الدعوى قد دخلت بشكل جدّي في مرحلة التحقيق الاستنطاقي مما يحظّر قانوناً التصريح بتفاصيله، الأمر الذي يلتزم به المحامون المدّعون ويحرصون على تطبيقه.
الثاني، انكباب محامي متحدون في الوقت الحالي على إنفاذ موجبهم إعداد الوثائق والمستندات الكثيرة المطلوبة والداعمة لشكواهم، ما هم بصدده ويدعون كل راغب بالتعاون من محامين وخبراء اقتصاديين وماليين وسواهم إلى التواصل معهم باعتبار أن الجرائم المدّعى بها تمسّ الجميع وأن وصول الدعوى إلى هذا المستوى المتقدّم وغير المسبوق من التحقيق يستدعي ضم الجهود ومؤازرة كل مواطن ومتضرر، وخصوصاً مع تخطّي الشكوى الجزائية الحاضرة، وهي كانت الأولى من نوعها، البازارات والحسابات السياسية لبعض القضاة الذين لم يُدخلوا ملف سلامة والمصارف والصيارفة في صفقات مشبوهة لصالح محرّكيهم فحسب، بل تمادوا - بالدليل والبرهان - في عرقلة وتعطيل أي مسار قضائي منفصل عنهم، ومنه الدعوى الحاضرة، بهدف احتكار أي تحريك للدعوى العامة في الملف واستغلاله في مآرب مرتبطة بالسياسة والعقوبات الأميركية والانتخابات النيابية ومنافع شخصية لا تمت إلى أصحاب الحقوق بصلة. سيذوب الثلج ويبان المرج قريباً!
Recent comments