كالزيزفون ، يُزهِر ولا يُعقِد . بقلم الكاتب جورج صباغ .
صحيحٌ أننا تأخرنا كثيرا عن اللحاق بركب التقدم والتطور واللحاق بالدول الراقية والمتطورة نتيجة عوامل عدة لا حاجة لإعادة سردها إذ أن معظم اللبنانيين باتوا على معرفة عميقة جراء ما عاشوه وعايشوه وما مروا به من تجاربنا السياسية أقله في المائة عام المنصرمة من تاريخ" لبنان الكبير " الى الآن .
وصحيح أيضا أن شعبنا جبّار قاوم كل الصعاب وواجه الظلم والاضطهاد وسكن مغاور جباله واوديته ليبقى حُرّاً عزيزاً وكان أجدادنا قد نخروا البحار وصدّروا الحَرف الى العالم وانتشروا في اصقاع الأرض تارة بحثا عن الرزق الوفير وطورا عن الأمان الذي فقدوه في حقبات مؤلمة وعِجاف ، وشكّل شعبنا بذكائه الفطري والثقافات المتعددة التي اكتسبها ، جسر التواصل بين الشرق والغرب ، ومختبر لتفاعل الحضارات وواحة لتلاقي الأديان وتعايشها ، وهذا يعود لفضل الخالق عز وجل الذي أنعم علينا بهذه الجنة الخضراء في هذه الجغرافيا من الكرة الأرضية ، وجعلناها وطنا مميزا أُطلِق عليه تسمية ( سويسرا الشرق ) .
إلا أن سويسرا الشرق هذه ، كاملة الاوصاف من حيث جمال الطبيعة وروعتها والتكوين الجيولوجي المتنوع والمتداخل والذي يشكل لوحة فسيفسائية من صنع يد الخالق ، وكأنه رصفها حجرا حجرا بعد نحت صخور جبالها بإزميل الخَلق والإبداع والنِعم وبعنايته الفائقة الدقة .
وهذه "السويسرا" لم تكتمل اسسها جراء النظام السياسي الطوائفي المتخلّف المحاصصاتي والزبائني الذي حكم ويحكم هذه البقعة الجغرافية بتنوع مكوناتها ، وهو يشكل الحائل الأساس لقيام دولة ديمقراطية حقيقية منشودة، كما يشكل عقبة كبرى في تطور هذا الكيان اللبناني المتعثر على غير صعيد ، بينما لإكتمال عقد دولة ( سويسرا الشرق ) المفترضة ، وجب العمل لإحلال نظام سياسي علماني مدني يشكل البديل الحتمي للنظام السياسي البائد القائم حاليا .
*جعجعة بلا طحين *
خلال هذه الإنتخابات البلدية والإختيارية الحاصلة في هذا الشهر ، ثبت بالدليل القاطع والممارسة والأجواء المرافقة والهواجس السائدة ، الحاجة الماسة والمُلحة لورشة تعديل قوانين واسعة تطال مختلف جوانب حياتنا السياسية وفي مقدمِها القوانين الإنتخابية وتحديثها ، وإلا نحبس الأنفاس عند كل إستحقاق انتخابي خوفا على التوازن الطائفي وضرب المناصفة وإسقاط الأعراف والمواثيق الحافظة للعيش المشترك المعرّض للإهتزاز عند كل مفصل .
الكل يطرح شعارات طنانة رنانة براقة ، ولكن دون إرادة حقيقية لترجمتها واقعا بجهد دؤوب وجدية تامة لتحقيقها ،
فتبقى مجرد شعارات شعبوية للاستفادة الموسمية الشخصية منها ،
فتمسي ( كالزيزفون الذي يُزهر ولا يُعقِد)
ونسمع "جعجعةً ولا نرى طحيناً".
اخيرا نحيي أصحاب النوايا والإرادات الطيبة من النخب السياسية الواعدة ونشدّ على ايديهم لإتمام عقد بناء ( لبنان سويسرا الشرق الحقيقية الكاملة الاوصاف )
والسلام .
Recent comments