"عصر التفاهة: عندما يغَلّب العمق على السطحية"
بقلم وائل خليل
في زمن باتت فيه القشور تتصدر المشهد، نشهد تحوّلاً ثقافياً واجتماعياً يُعرف بـ"عصر التفاهة"، حيث تسود الرداءة على الجودة، ويُكافأ السطحي ويُقصى العميق. إنه عصر تُقدَّم فيه الشهرة على المعرفة، والتأثير الرقمي على القيمة الحقيقية، والصورة على المضمون.
التفاهة اليوم ليست مجرد سلوك فردي أو ظاهرة عابرة، بل أصبحت نمط حياة تُكرّسه وسائل الإعلام والمنصات الاجتماعية، وتدعمه أنظمة تبحث عن استقرار شكلي لا تحوّل جذري. لم تعد الكفاءة شرطاً للظهور، بل يكفي أن تكون "محبوباً" أو "مؤثراً"، بغض النظر عن المحتوى أو الأثر.
في عصر التفاهة، يُهمَّش المفكرون ويُستبدلون بمشاهير اللحظة، وتُختزل الفكرة العميقة في تغريدة، والنقاش الجاد في تعليق. يتحوّل التعليم إلى تجارة، والسياسة إلى استعراض، والثقافة إلى استهلاك سريع.
لكن مواجهة التفاهة لا تكون بالانعزال أو التذمّر، بل بإعادة الاعتبار للقيمة، للمعرفة، للرسالة. هي دعوة للنخبة الواعية، وللجيل الجديد، أن يرفضوا الانقياد وراء "الترند"، وأن يتمسكوا بالبوصلة الأخلاقية والثقافية.
في عصر التفاهة، الخيار ليس مستحيلاً، بل مصيرياً: إما الانجرار نحو الضجيج الفارغ، أو إحياء الأصالة والمعنى.
Recent comments