تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

Add

M

المسؤولون في لبنان… وحكاية الأب وأولاده وحزمة القضبان

 

باسم المرعبي _ ناشر موقع “رأي سياسي”…

المتعارف عليه انه عندما تواجه اي دولة أزمة أو خطر ما، تتكاتف كل مكوناتها لحل هذه الازمة أو لمواجهة الخطر، وتضع الخلافات ان وجدت جانبا، الا في لبنان هذا البلد العجيب الغريب نرى العكس، حيث يعمل قادته على قاعدة “قلو صاحيلك..قلو لاطيلك”، بمعنى ان كل فريق ينتظر خصمه السياسي على الكوع، لكي يقوم بمعاكسته تجاه اي قرار او استحقاق، من دون النظر الى مصلحة لبنان، بل حصر الأمر بالمصالح الخاصة الضيقة أو الطائفية وحتى المناطقية، وهناك شواهد كثيرة عبر التاريخ وليس آخرها الاستحقاق الرئاسي، او ما يجري حاليا في الجنوب، وكذلك عند أي محطة سياسية حيث تتعامل القوى السياسية تجاه بعضها البعض باسلوب النكد والنكايات السياسية، ونرى البعض منهم يسارع الى الرد او التعليق على اي موقف او اجراء يقوم به خصمه السياسي بحدية وعدائية لمجرد انه صادر عنه بغض النظر عن ابعاده أو اهدافه، وهذا السلوك السياسي غير الصحي ربما يكون من بين الأسباب الرئيسية التي تسببت في تعرض لبنان الى الكثير من الأزمات التي كانت غالبا ما تستدعي تدخلا خارجيا لحلها، وهناك محطات كثيرة، مررنا بها، من مؤتمر لوزان الى مؤتمر الطائف، الى مؤتمر الدوحة، الى المبادرات الاخيرة التي تقدم من اكثر من دولة في سبيل حل ازمة انتخاب رئيس للجمهورية. مع العلم ان الخارج ليس لديه العصا السحرية في استنباط الحلول، وكان بالامكان وصول اللبنانيين الى ذات النتيجة لو كانت قلوبهم صافية على بعضهم البعض ولا يضعون في حساباتهم غير مصلحة بلدهم، فأي لقاء او حوار يعقد في الخارج ويقبل به اهل الحل والربط في لبنان لحل اي مشكلة داخلية كان بالامكان حصوله في لبنان من دون اي تدخل من قبل اي دولة كانت قريبة او بعيدة.
وقد برز العقم السياسي الموجود لدينا في الآونة الاخيرة في ما خص انتخاب رئيس، فأي بلد في العالم يوجد فيه خلافات سياسية لكن هذه الخلافات تختفي عندما يكون هناك خطر يواجه الكيان، هذا الى جانب ان هناك تنظيم للخلاف، ويبقى مضبوط الايقاع على ساعة مصلحة البلد، فها نحن نعيش ازمة رئاسية منذ زهاء سنة ونصف ولا نزال في المربع الاول للحل، ليس لسبب جوهري انما بفعل النكد الذي يقطع الطريق على حوار الكتل السياسية في ما بينها للتفاهم على شخصية الرئيس، والأخطر من هذا كله هو الانقسام الحاصل حول المواجهة مع اسرائيل، فبدل ان نتوحد في سبيل التصدي لهذه الحرب او على الاقل العمل على احتوائها ومنع تمددها ننشغل بالمواقف المتضاربة والتصاريح التي تضعف الموقف اللبناني حيال ما يجري، حيث نرى ان هذا الفريق السياسي او ذاك يسارع الى اتخاذ المواقف المبنية فقط على الخصومات السياسية من دون النظر الى احقيتها أم لا، وهذا الامر من دون ادنى شك يزيد من الشرخ والانقسام الداخلي ويعمق من الهوة الموجودة، وللأسف الشديد وصل الأمر الى حد ان هذه الجهة السياسية او تلك تتنكر لمصطلح الشهداء ، علما ان الجهة التي تتنكر تكون هي في الاصل لديها شهداء ولم ينكر احد هذا الأمر، لكن كل ذلك يحصل بسبب ما بيناه اعلاه اي لجهة النكايات والنكد السياسي الذي اذا ما استمر سيكون خطره كبير على لبنان وسيجعل ابناؤه يدفعون المزيد من الأثمان.
اختم بحكاية معبرة عن واقعنا وهي أن أب طلب من اولاده أن يأتوه بحزمة من القضبان وطلب من كل واحد منهم ان يحاول كسرها فلم يستطع أحد كسرها، فطلب منهم ان يوزعوها كل قضيب على حدا والعمل على كسرها ففعلوا واستطاعوا كسرها، عندها قال لهم الأب العبرة من ذلك هي انه عندما تكونوا موحدين لا أحد يستطيع هزيمتكم، لكن عندما تتفرقوا يكون ذلك سهلا على خصمكم. ونكتفي بهذا القدر لعل هناك من يتعظ.

إضافة تعليق جديد

Plain text

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.

test

ARAB OPEN UNIVERSITY
Advertisment
The subscriber's email address.