رجل الأعمال غسان العريضي: لا اهتم للمواقع... المهم العمل والإنجاز
بلهجة الغيرة على وطنه، والحريص على إعادته إلى المكانة التي تليق به، يتحدث الخبير السياحي ورجل الأعمال غسان العريضي، مفتخراً بما تختزنه “بلاد الأرز” من إمكانات تؤهلها عن حق، لتكون لؤلؤة السياحة في العالم العربي. وبلهجة يختلط فيها الحزن بالغضب، يبدو ناقماً على اهل الحكم الذين لم يكونوا على مستوى “قطعة السما” التي حباهم إياها الله، فأوصلوه إلى ما هو عليه اليوم من الإفلاس والبؤس. فهل من سبيل للخروج من هذه الدوامة؟ وما هي آفاق مقومات الواقع السياحي في لبنان؟ الإجابة في هذه السطور
تفاؤل حذر
في استعراض لمسار القطاع السياحي في لبنان، يتوقع العريضي أن يستمر هذا القطاع بالنزف خلال العام الحالي، على أن يبدأ الوضع بالتحسن تدريجياً ربما مع منتصف العام المقبل، خاصة في ضوء التعافي العالمي والمحلي تدريجياً من آثار “كورونا” وما يحكى عن إمكانية الاستفادة من استخراج النفط والغاز، الذي ربما لن يكون سريعاً، ولكنه بالتأكيد سينعكس إيجاباً على الوضع الاقتصادي والمالي للبلاد.
ولكن رغم هذه الصورة القاتمة، فإن القطاع السياحي باستطاعته النهوض من كبوته بأقل مما يتوقع البعض، في حال توافرت الإرادة، خاصة وأن خططاً عديدة موضوعة لهذه الغاية.
ومما يزيد من النظرة الإيجابية، ما يتمتع به لبنان من بنية تحتية سياحية لافتة، بدءا بالطقس، مروراً بالمطبخ اللبناني الشهير عالمياً، وليس انتهاء بكرم الضيافة اللبناية الذائعة الصيت.
لا طموحا سياسياً
وحول طرح اسمه لتولي وزارة السياحة في الحكومة المستقيلة الحالية، شدد العريضي على أنه غير معني بلقب “صاحب المعالي”، فالأهم ليس المواقع والكراسي بقدر إمكانية العمل والإنجاز. وقد رأينا الفشل الذي تخبطت به هذه الحكومة، وهو ما أوصلها إلى الاستقالة. هنا، لا يمانع العريضي “حكومة اللون الواحد” بل يعتبرها هي النتيجة الطبيعية في الأنظمة الديمقراطية، حيث ينقسم الملعب السياسي بين أكثرية تحكم وأقلية تعارض وتحاسب، ولكن الصورة في لبنان مختلفة تماماً، نتيجة لخصوصية النظام الطائفي اللبناني.
في هذا السياق، يكشف العريضي عن لقاء جمعه بصديقه، وزير السياحة د.رمزي مشرفية، للحديث حول واقع القطاع السياحي وآفاق تنميته، حيث أكد له صعوبة القيام بأي إنجاز على مستوى الاستقطاب السياحي نظراً لتذبذب الأوضاع في البلاد، وغياب الاستقرار النفسي.
فالسياحة قبل كل شيء، هي الترويح عن النفس، وشحنها بالطاقة الإيجابية استعداداً لضغوطات الحياة المقبلة، وهذا ما يتطلب أرضية صلبة وحداً أدنى من الاستقرار على أكثر من صعيد، ما يخلق الثقة بين السائح والبلد الذي يقصده.
ومن واقع خبرته في المجال السياحي، لا ينكر أن هناك “صرعات” سياحية موسمية، ولكنه في الوقت نفسه، يصر على أن هناك وجهات تبقى تستقطب السياح أياً تكن الظروف.
ويأسف لكون السياحة في الكثير من الأحيان ضحية للاستقطابات السياسية الحادة التي تعصف بالبلاد، والتي تسيء في الكثير من الأحيان إلى صورة لبنان في الخارج، داعياً إلى العمل على فصل السياحة عن التجاذب السياسي لما فيه مصلحة البلاد.
القيامة آتية... ولكن...
وبنفس متفائل يحذر، ويؤكد ان “لكل شيء نهاية”، وبالتالي فمن المؤكد أن لبنان سيخرج من هذا النفق المظلم يوماً ما، محملاً الشعب اللبناني مسؤولية في هذا الإطار، وداعياً إياه إلى الإقلاع عن التزلم للسياسيين والبحث عن مصلحته الحقيقية. ويعول على المجتمع المدني المستقل، رغم ضآلة حجمه، في تحقيق التغيير المنشود، عاجلاً أم آجلاً.
ولكن في المقابل، ومن وجهة نظر واقعية بحتة، يشكك العريضي في إمكانية الخروج من النفق المظلم الحالي، حتى ولو أعيد تكوين السلطة وتشكلت حكومة في القريب العاجل: فالمسألة بالدرجة الأولى مسألة خطة وبرنامج، لا أشخاص وأحزاب. من هنا، فمن الضروري أن تستلم دفة القيادة في البلد حكومة من أهل الاختصاص المستقلين بنسبة 100% عن الأحزاب والقوى الحالية، ليمكن بعدها الحديث عن بداية للخروج من المأزق.
ويستغرب العريضي ما يسميه “وقاحة” مختلف مكونات الطبقة السياسية في لبنان في حديثها عن محاربة الفساد، طارحاً وضع جميع أموالهم تحت مجهر المحاسبة لمعرفة مصدرها، وعند ذلك يبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود. وهذا ما يتطلب استقلالية القضاء كسلطة محاسبة ومساءلة، رغم وجود قضاة يضرب بهم المثل في النزاهة والولاء للقانون فقط.
استطراداً، يختم العريضي بالقول: “ من المستنكر والمستهجن بشدة، انحسار الانتماء الوطني اللبناني لمصلحة الانتماء الطائفي، الذي يشكل البوابة الرئيسية للعبور إلى “جنة” الخدمات والمنافع، من خلال العلاقة مع “ملوك الطوائف” الذين اختزلوا الدولة في أشخاصهم”.
Recent comments