أُمّي…رحلت وهكذا اجابت على السؤل الاخير؟
بقلم/ ابتسام غنيم
ظروف المقرّبين الصعبة، معاناتهم أو مرضهم كلّها أسباب تجعلك أقرب منهم لشعورك بمدى حاجتهم إليك لتكون #السّند والكتف الّذي يتّكئون عليه أوقات ضعفهم؛ حينها تنسى كلّ خلافٍ أو #ظلم ألحقوه بك لتكون جنب من تحبّ بكامل قوّتك، فكيف الحال إذا كانت #الأمّ…الأمّ التي مهما اختلفت معها وبعدت عنها تبقى داخل قلبك وضميرك وبينكما حبلٌ من الرّوح والدّم وصلكما به #الله عزّ وجلّ.
أليوم وبعد وفاة أمي التي عانت من #المرض لسنوات عدّة بدءاً من #الشيزوفرينيا إلى #الزهايمر وصولاً إلى #التهاب الدّم، أردت أن أرثيها ولكن تردّدت؛ ماذا سأكتب؟ هل أكذب أم أكون #صادقة مع نفسي ومع المقربين مني؟ فهم على علم بعلاقتي المتشنجة نوعاً ما مع أمي ولطالما كانوا شهوداً وآذاناً صاغية لي حين أشكوها لهم…قرّرت ألّا أتجمّل، فلن أكون إلّا صادقة فيما أكتب وما أقول كما عاهدني كلّ من عرفني…
لم تكن علاقتي بأمي كسائر #علاقات صديقاتي مع أمهاتهنّ فقد كنت أشعر ببعدها وهي أمامي وأفتقد حنّيتها وحضنها وهي على بعد خطوات منّي، كبرت وكبر هذا الشعور داخلي، ربّما هي لا تحبّني؟ هذا السؤال الذي لطالما راودني منذ #الصغر، فأمي لم تكن تظهر عطفها نحوي ولهفتها تجاهي كباقي #الأمهات مع بناتهنّ… ولكن… مع الوقت عرفت أنّ #البشر أنواع وأجناس، فليس جميعهم يجيدون التعبير عن الحبّ والإهتمام بالطريقة الصحيحة، حاولت إقناع نفسي وعملت على تناسي شعوري هذا قدر المستطاع وتجاهلته تماماً حين باتت أمي بحاجة لرعايتي ومساعدتي.
حين مرضت أمي لازمتها في #المستشفى ليلاً نهاراً ليس فقط من باب واجب الإبنة تجاه أمها، بل أيضاً لشعوري نحوها الذي قادني إلى ملازمتها دون كلل أو ملل، أصبحت أشعر أنها باتت #طفلتي التي أعتني بها، شعور غريب تجاهها لا أستطيع تفسيره، هو ليس شعوراً واحداً، بل خليط #مشاعر، أحياناً كنت أشعر أنّني الطفلة التي تلقي برأسها وما فيه من #هموم على صدر والدتها لتأخذ بعضاً من الراحة والقوة، وأحياناً كثيرة كنت أشعر أنها #ابنتي حين أتولّى مهمّة إطعامها وإعطاءها #الدواء… أما الشعور الأهم الذي شعرت به لأول مرّة معها هو الصداقة… بدأت أشعر أنها باتت أقرب إليّ في أيامها الأخيرة ففي اللحظات التي كانت تسترجع بعضاً من وعيها كنت أحدّثها وتحدّثني وأحياناً كنت أتّصل بإبني #عمر عبر الفيديو لتتحدّث معه فكانت تفرح حين يكلّمها.
#شعور غريب وجميل هذا الذي أتى متأخراً عمراً كاملاً بيني وبين أمي، لقد شعرت أنّني استرجعت حاجتي إليها وأنني عدت تلك الفتاة الصغيرة التي تأخذ من أمّها أمّاً وصديقة ومصدر حنان ودعم ولكن #الحياة التي أعادت إليّ تلك المشاعر أخذتها مني سريعاً وأخذت معها أمّي؛ هي حكمة الله الذي أوصانا بالأهل إحساناً وبرّاً فمهما بعدت المسافات بيننا تبقى صلة الرحم أقوى من أن تُقطع…
لا أريد أن أذكر منك أو عنك سوى الحبّ و#الخير وسوف يبقى في وجداني ما حييت وجهك وعيناك اللتان أومأتا إلى #الأسفل مجيبتان ،بـ”نعم” على سؤالي الأخير لكِ؛ “أمي هل تحبّيني؟”
Recent comments