خاص برايفت ماغازين - صاحب متحف الحرير الأستاذ جورج عسيلي: يعيد مجد السياحة اللبنانية..
وسط الأشجار الكثيفة والطبيعة الخلابة والحديقة القديمة الساحرة، نستطيع معرفة سرّ الحرير عن طريق متحف يقع في منطقة بسوس قضاء عاليه، يترجم من خلالها مراحل إنتاج الحرير وصناعته، ويذكرنا بمواسم عزّ وإزدهار إلى هذه الصناعة التراثية انه متحف الحرير، لصاحبه رجل الأعمال جورج عسيلي، تحوّل من متحف إلى موقع أثري وثقافي وإقتصادي بإمتياز، يعيدنا بالذاكـرة إلى سـنوات الآباء والأجداد، حيـث كان الحـرير في أسـاس الإقتصـاد والنسيج الإجتـماعي اللـبناني، وبهذا تكون بلدة بسوس إسترجعت بعضاً من تراث الماضي الذي لطالما إفتخرنا وما زلنا نفتخر به عبر هذا الأخير وإحياء جزء أساسي من ما كانت قد إشتهرت به حين كانت تربية القز وصناعة خيط الحرير السمة المشتركة بين أبناء جبل لبنان، وكانت زراعة التوت من الزراعات الأساسية لهذه الصناعة التي كان يعتاش منها أهالي المنطقة وسكانها، قبل إكتشاف خيط الحرير الصناعي. وأتت مبادرة «جمعية التراث والإنماء» AMED التي أسسها جورج عسيلي نفسه في العام 2000 وهدفها الرئيسي الحفاظ على التراث النباتي والمعماري لتذكرنا بأمجاد الماضي وتاريخنا المشرف.
هو توثيق لرحلة الحرير من شجرة التوت إلى دودة القز التي تأكل ورق التوت الذي يحتوي على عدة أصناف من الفيتامينات حيث تلفظ الفراشة خيوط الحرير التي يتراوح طولها من ٥٠٠ إلى ١٠٠٠ متر وبعد ذلك تخرج الفراشة من الشرنقة وتموت بعد أن تنتهي من عملية البيض بعد أيام، يتم تخزين البيض وتخرج الدودة من البيضة وتعتاش على ورق التوت.
عن معامل الحرير أو بما كان يسمى «الكرخانات» يقول ان حدثت في فرنسا أزمة في في القرن الثامن عشر بمنطقة ليون التي تزرع بالتوت وتنتج الحرير وقلّصت إنتاج الحرير بسبب موت أشجار التوت، وقد حضر في تلك الأونة بعض الخبراء من فرنسا إلى لبنان ووجدوا ان لبنان يزرع بالتوت وبالتالي قادر على إنتاج الحرير فعلّموا اللبنانيين كيفية إستخراج الحرير من شجرة التوت، فراحت تنتشر هذه الزراعة وباتت من أهم دعائم الإقتصاد وتحديداً في منطقة جبل لبنان، وقد تمت توسعة مرفأ بيروت بهدف إستقبال السفن التي ستنقل الحرير كما وان أول مصرف فتح في لبنان كان بسبب فتح إعتمادات لتصدير الحرير، ولا ننسى ان حوالي ١٣٠ مصنع في لبنان كانوا يؤمنون فرص العمل للعديد العديد من العائلات اللبنانية وقد أحدثت المعامل نهضة هامة لدى السيدات في الحياة الإجتماعية بسبب مشاركتهن في الحياة الإقتصادية.
وقد تميز لبنان بوجود عدد كبير من معامل الحرير التي اندثرت مع مرور الزمن.
وقد سميت بكرخانة أي «كر وخانة» بالتركية.
عن غياب هذه الحرفة يقول: «ان المضاربات في الأسواق الصينية التي كانت تأتي إلى أوروبا عبر قناة السويس دمّرت عملية التصدير بحيث ان الحرير الصيني وصل إلى أوروبا بأسعار أقل بكثير من أسعار المصدرين من لبنان».
عن المتحف جغرافياً يقول: «أنه يشرف على العاصمة بيروت وعلى مطار رفيق الحريري الدولي، يقع في بلدة بسوس في قضاء عاليه بين بلدات مربع الإصطياف عاليه - بحمدون- صوفر- وحمانا ولا يبعد عن بيروت أكثر من ٢٠ كلم، فهو متحف متكامل للحرير ومعرض للأشغال اليدوية والحرفية وزيت الزيتون الذي نستخرجه من أشجار الزيتون في المنطقة، بالإضافة لمعرض لفساتين الأفراح والمناسبات لأشهر المصممين العالميين، إذ يضم المعرض الذي يتغير سنوياً من طابع إلى طابع فساتين المشاهير. وأن أهم ما يميز المتحف هو رؤية مراحل خيط الحرير من الألف الى الياء بطريقة واضحة وعملية، إذ يستطيع الزائر أن يتعرف على هذه الرحلة ويشارك في عملية إستخراج خيط الحرير بيده».
ويستقبل المتحف طلاب المدارس برحلات ترفيهية وتثقيفية بأسعار رمزية كما يستقبل السواح والزوار من لبنان ومختلف أنحاء العالم، وبالطبع فالهدف من إقامته هو تعريف الناس على الحرير وتاريخه في لبنان وعلى كيفية إستخراجه، يرافق السياح والطلاب مرشدين من المعرض يشرحون عملية إنتاج الحرير من الألف الى الياء.
ويضيف قائلاً أنه كان مصنعاً للحرير وحوّلته إلى متحف بعد أن ابتعته وأبقيته على طابعه التراثي، وبعد أن درست الكثير عن الحرير في أوروبا، وأردت ان أعيد الزائر إلى عصر صناعة الحرير في لبنان والنهضة الإقتصادية المزدهرة التي ساهم فيها قطاع إنتاج الحرير.
وفي ما يخصّ جمعية التراث والإنماء يقول: «أسسنا جمعية التراث والإنماء وهي الجمعية التي تهتم بالمعمل وبالحفاظ على طابع المنطقة الأخضر وضرورة غرس الأشجار بإستمرار.
فالحرير فتح لبنان على الخارج وفتح الخارج على لبنان وأسس الحياة الإقتصادية منذ العام ١٨٨٠ وهذا اكدته إحدى المجلات البريطانية التي كتبت عن جودة الحرير اللبناني وطريقة إستخراجه في إحدى صفحاتها في القرن الثامن عشر.
إمتيازات المعرض
تميز المعرض بالعرض الحي لتربية دودة القز عبر مراحل تطورها، فضلاً عن عرض أنسجة مصبوغة وفق الطريقة التقليدية، ووثائق عن أعماق البحار والنباتات التي تستعمل للصباغ، إضافة إلى أقمشة الحرير المصبوغة والمرسومة يدوياً، وغيرها من الأنشطة التي تعيد إلى الذاكرة تاريخ لبنان في القرنين الماضيين.
أما عن وجود الأزياء في المتحف فيقول خصصنا في المتحف جناح للزي النسائي اللبناني التقليدي، وفيه نتعرف إلى سراويل الحرير التي كانت ترتديها الأميرات في القرن التاسع عشر و«السترة» و«الغمباز» و«الطنطور» و«الطربوش» الذي تلف حوله عمامة من الحرير، إلى مناديل القرويات والخادمات...
وبالعودة للحديث عن الحرير في لبنان فيقول: «عرف الحرير في لبنان منذ نحو 2500 سنة، وكان يرد إليه من الصين عن «طريق الحرير» عبر بلاد الفرس والعراق، وكان يصنّع ويصبغ في المدن الفينيقية، ويعاد تصديره الى مدن حوض البحر الأبيض المتوسط وخصوصاً روما. وقد كانت «طريق الحرير» أطول طريق تجارية عرفها التاريخ.
تطوّرت صناعة الحرير في الجبال اللبنانية، وبلغ اللبنانيون في هذا الميدان حداً كبيراً من المهارة، كان لبنان ينتج الشرانق والحرير الخام ويصدرهما.
عن المراحل التي تمر فيها تربية دود الحرير يقول:
- تمر اليرقة الناتجة من بيضة دودة الحرير التي تضعها الفراشة خلال دورة حياتها بالمراحل التالية:
- بيوض الحرير.
- اليرقة أو دودة الحرير.
- الخادرة أو الزيز.
- فراشة.
تبيض دودة القز 500 بيضة تقريباً،ويبلغ طول خيط الحرير 1500 متر تقريباً.
شرانق الحرير ثلاثة ألوان: أبيض، أصفر، وبرتقالي، الأبيض يعطي خيط حرير باب أول، والأصفر باب ثان، أما البرتقالي
فباب ثالث،تتغذى دودة القز من ورق التوت فور خروجها من البيضة، ولكي تفقس تتعرض لحرارة 24 درجة «مئوية» مدة عشرة أيام حيث تخرج منها اليرقات «الدود» وتستمر بأكل ورق التوت حتى تصبح قادرة على نسج الشرنقة، تمر دودة الحرير، منذ خروجها من البيضة إلى أن تصبح شرنقة، بخمس مراحل تسمى «أعمار الدودة»، يفصل بين العمر والعمر فترة انسلاخ، تسمى «الصومة»، وعددها أربع، تتوقف خلالها الدودة عن الأكل، لتخلع عنها جلدتها القديمة كي تتكون لها جلدة جديدة تمكنها من النمو، وعندما تباشر الدودة نسج الشرنقة تتوقـف عن الطعام وتبحث عن مكان مرتفـع تثبت نفسها علـيه بواسـطة أرجلها الثمانية الخلفية، وتبدأ بفرز خيط الحرير من فمها وتغلف نفسها به تدريجياً. عندما تكتمل الشرنقة، تتحول الدودة تدريجياً إلى «خادرة» أو «زيز» وبعد مرور أيام عدة تتحول إلى فراشة. وحين يكتمل نموها تفرز مادة آكلة للحرير تمكنها من ثقب الشرنقة والخروج منها. بعد خروجها من الشرانق تتلاقح الفراشات وتضع الإناث بيوضها لتعيد دورتها الحياتية مجدداً.
- للإحتفاظ بالشرانق كما هي توضع في أكياس نايلون داخل الثلاجة حيث يتم خنق الزيز في داخلها.
- للحصول على خيط الحرير توضع الشرانق في ماء مغلية، ويسحب خيط الحرير على مغزل خاص.
- للحصول على البيوض تترك الشرانق في علبة مفتوحة وبعد 20 أو 25 يوماً تصبح فراشات ويتم التزاوج وتؤخذ البيوض منها.
- يحفـظ البيض داخل ورق أبيض ناعم في البراد للسنة القادمة، وعندما يأتي موسم التوت القادم يخرج من البراد ويوضع في مكان دافئ (24 درجة مئوية) لمدة عشرة أيام تقريباً، حيث تخرج من كل بيضة يرقة (دودة) ، وبسرعة يفرم لها ورق التوت على قياسها. وكلما ازداد حجمها يفرم الورق بقطع أكبر حتى تصبح الدودة بقياس الورقة نفسها، وتتغذى منها مدة 40 يوم تقريباً لتغدو قادرة على نسج الشرنقة.
عن أهداف «جمعية التراث والإنماء»
يقول نهدف من خلال الجمعية الى إنشاء مشروع نموذجي، يسمح للمدارس والجامعات وكذلك البلديات، الإستفادة من هذه التجربة بغية العمل معاً للحفاظ على البيئة واحترامها.
هذا بالإضافة الى التعاون مع السلطات المعنية، وأصحاب الكفاءة، من أجل حماية وتطوير التراث الريفي وتشجيع الناس للمحافظة على هذه القيم، فضلاً عن توعية الجميع الى الخطر يهدد البيئة والثروة الحرجية، وحثهم على إيجاد سبل لحمايته وإحياء تراثنا اللبناني بأوجهه المختلفة.
تحرير: يـــــــارا رسـتـم
Recent comments