خاص برايفت ماغازين: رئيس جمعية تجار زحلة زياد سعادة: لإجراءات إنقاذية مالية ونقدية واقتصادية سريعة وإلّا ...
يدنا ممدودة إلى كافة مكوّنات المجتمع الزحلي بعيداً عن المزايدات والحسابات الضيّقة
مكتوبٌ لشباب هذا البلد أن يتحدّوا بوجه الظروف التي تعاكسهم في صورةٍ مستمرّة وتمنعهم من تحقيق أحلامهم وطموحاتهم. وكأنّما المطلوب أن يسيطر اليأس بالقوّة عليهم ويدفعهم للهجرة إلى حيث الأمان الإجتماعي والصحي والإقتصادي. للأسف إنّه قدر الشباب اللبنانيين الذين ما إن تأتيهم الفرصة لتحقيق ما هو أفضل لهم ولبلدهم حتى تتبدّل الظروف وتنقلب المعطيات فيجدون نفسهم بين مطرقة التضحية بالمستقبل وسندان الهجرة والتغرّب. لكن هذا الشعب الجبّار، صاحب الإرادة الصلبة والعزيمة التي لا تنكسر، لا يستسلم ولا يخضع للظروف، فتراه يتأقلم مع المستجدّات، يبادر ويواجه حتى النهاية. زياد سعادة هو نموذج عن الشاب اللبناني الكفوء والطموح الذي سخّر طاقاته وقدراته العلميّة لخدمة زحلة وتجّارها. فهو ترأس جمعيّة تجّار المدينة بعد معركة إنتخابيّة شرسة، ليطلق بعدها رؤيةً إقتصاديّةً شاملةً بهدف تفعيل سوق زحلة التجاري كخطّة دفاعيّة إستباقيّة، قبل أن تعاكسه الظروف ويتسارع الإنهيار. لكن سعادة لم يتخلَّ عن مسؤوليّاته، بل على العكس تماماً، فقد إتخذ موقف الشجعان ووضع جمعيّة التجار بتصرّف كافة المؤسسات المتعثرة لتأمين صمودها وحماية العاملين فيها، إيماناً منه بدقّة وخطورة المرحلة.
أسرة مجلتنا إلتقت رئيس جمعيّة تجّار زحلة الأستاذ زياد سعادة في حوارٍ صريح تناول الوضع الإقتصادي ولا سيّما التجاري في ضوء الأزمة الماليّة الحادة التي تعصف بلبنان، بالإضافة إلى عمل الجمعيّة ونشاطاتها في هذه الظروف. وفي ما يلي أبرز ما دار في اللقاء:
- بدايةً، كيف تقيّمون الوضع الإقتصادي والتجاري في لبنان عامة وفي زحلة على وجه الخصوص؟
الوضع الإقتصادي العام على المحكّ لعدّة أسباب، فالأزمة بدأت ماليّة وإنتقلت لتشمل كافة القطاعات الإنتاجيّة من التجارة إلى الصناعة وحتى الزراعة. وبالنسبة لمعاناة زحلة فهي بطبيعة الحال مشابهة لمعاناة مختلف المناطق اللبنانيّة، وإذا ما تكلّمنا عن القطاع التجاري الذي نتعاطى فيه مباشرة، فنقول بأنّنا نواجه أزمة كبيرة جدّاً بسبب عدم وجود قدرة على الإستيراد، فالعقبات والتحديّات التي نواجهها هي فعلاً كبيرة واستثنائيّة.
- كجمعية تجّار، كيف تتعاطون مع الأزمة وهل توقّعتم هذا الإنهيار السريع؟
في الحقيقة كان الإنهيار سريعاً جدّاً لدرجة أنّنا إستنفذنا كافة المقوّمات المُدّخرة، صحيحٌ بأنّ الأزمة التي نعاني منها ليست وليدة 17 تشرين، إذ ان الأرقام بدأت تسجّل تراجعاً متسارعاً منذ العام 2017، ونحن كجمعية تجّار زحلة كنّا نتابع بدقّة هذا المسار الإنحداري، وقد أطلقنا في نيسان الماضي تصوّراً شاملاً لمواجهته وإعادة إطلاق الحركة الاقتصادية إثر دراسة معمّقة شملت كافة القطاعات، بحيث عرضنا رؤيةً للنهوض بالأسواق التجاري لمدينة زحلة والخروج من حالة الركود التي تسيطر على الأسواق.
وبالفعل فقد هدفت رؤية جمعيّة التجّار إلى إستنهاض قوى المدينة التاريخيّة والتراثيّة والثقافيّة والسياحيّة والتجاريّة، ولهذه الغاية إجتمعت مع فاعليّات زحلة، وكنّا بصدد التحضير لمؤتمر كان مقرّر عقده في شهر تشرين الأول الماضي لوضع هذا التصوّر موضع تنفيذ، إنّما الأحداث تسارعت وحصل ما حصل. فنحن كنّا نحاول إستباق الإنهيار بإعتماد خططٍ دفاعيّة تمكّننا من الإستمرار والإنطلاق بمسارٍ تصاعدي. إنّما بعد 17 تشرين، اختلفت الأولويّات وبات همّنا كجمعيّة تأمين إستمرار المؤسسات والمحافظة على العاملين فيها. وقد شكّلنا لجنة قانونيّة برئاسة المستشار القانوني المحامي طارق الغريب لمتابعة كافة القضايا المتعلّقة بهذه الأمور، فالجمعيّة تتولّى اليوم متابعة وضع المؤسسات التي قرّرت التوّقف عن العمل للحدّ من خسارتها.
- كم هو عدد المؤسسات التي عمدت إلى الإقفال نتيجة الأزمة؟
في آخر إحصاء أجري، تبيّن ان 30 % من المؤسسات القائمة في كافة القطاعات تعمد إلى تصفية أعمالها، وهذه نسبة مرتفعة جدّاً. من جهتنا، نحن نقوم بتوفير كلّ الدعم المطلوب حتى تتمكّن هذه الأخيرة من الإستمرار والصمود، إنّما الوضع في غاية الصعوبة. فالموظفون المصرفون والذين كانوا يعتبرون محرّك الدورة الإقتصادية باتوا اليوم عاطلين عن العمل، ما يعني المزيد من الجمود والشلل في الحركة.
- هل من الممكن وقف هذا الإنحدار السريع؟
المطلوب اليوم هو إتخاذ إجراءات إنقاذيّة ماليّة ونقديّة سريعة لتشجيع المستثمرين حتى نلمس بعض الإنفراجات، أمّا بحال إستمرار الوضع على ما هو عليه، فإنّ الأوضاع ستزداد سوءاً حتماً وسنكون امام مشهدٍ كارثي.
- إلى أين تتجه الأوضاع بحسب تقييمكم وخبرتكم؟
نحن نتمسّك بالأمل لكي نستطيع الإستمرار، صحيحٌ ان أولويّاتنا تبدّلت اليوم، بحيث كنّا نعمل على مشروع تطوير المؤسسات التجارية فيما اليوم بات مشروعنا هو المحافظة على المؤسسات القائمة، لكننا نأمل بأن تتغيّر الظروف نحو الأفضل، ولن نوّفر جهداً للمساعدة لاسيّما في الوضع الراهن.
- هل من تعاون مع المغتربين؟
في الحقيقة لقد وجّهنا نداءاً مع أساقفة زحلة المحترمين، للمغتربين حتى يدعموا أهلهم وإقتصاد المدينة في هذه الظروف الحرجة. وللأمانة، نحن نلمس حرصاً وخوفاً على زحلة من هؤلاء اكثر من المقيمين. لذلك نحن نعمل على تفعيل دور الأندية المتواجدة في الخارج بهدف تأمين الدعم المطلوب للمقيمين، علماً بأنّ هذا الدعم قد يأخذ أشكالاً مختلفة ومتنوّعة لأنّ الأزمة حادة والمطلوب هو كثير.
- كيف تقيّمون دور جمعيّة تجّار زحلة؟ وهل من تعاون مع جمعيات أخرى؟
إنّ جمعيّة تجّار زحلة تأسست في العام 1991 ضمن الإطار القانوني الملحوظ في الأنطمة اللبنانيّة المرعية الإجراء، وهي تعنى في شؤون كلّ من له صفة تاجر ضمن مدينة زحلة بحسب ما ينصّ عليه نظامها الداخلي. من هذا المنطلق، نحن حريصون ان نكون إلى جانب كافة المؤسسات التجارية والعاملين فيها.
أما لناحية التعاون مع جمعيّات أخرى، فنحن بالتأكيد نتعاون مع الهيئات الإقتصادية وغرفة الصناعة والتجارة في زحلة، كما أننا على تواصلٍ شبه دائم، وهناك إجتماعات تعقد بصورة دورية من أجل إيجاد مخارج وحلول للأزمات التي نعاني منها. كذلك، نحن نسعى إلى مدّ يد العون إلى كافة مكوّنات المجتمع الزحلي بعيداً عن المزايدات والحسابات الضيقة، ونسعى لإيجاد مساحة مشتركة وتوفير كل ما هو أفضل للمدينة واهلها.
- ماذا أضفتم كعنصر شباب على عمل الجمعيّة؟
برأي الزملاء أصحاب المؤسسات التجارية قد منحنا أملاً للمدينة، وتمكّنا من خلق حركة معيّنة، وبرأيي لو كان هناك تعاونٌ أكبر مع الجهات المسؤولة المباشرة عن إدارة شؤون المدينة لتمكنّا من أن نعطي نتيجة أكبر. وما يؤكد أقوالنا هو عدد الكتب الموجهة من قبلنا إلى الجهات المعنية والايجابات عليها.
- هل تمكنتم من إدخال المكننة إلى الجمعيّة؟
في الواقع حين إستلمت رئاسة الجمعيّة لم يكن فيها أي داتا معلومات، ولكننا أجرينا منذ نحو من سنة ونصف إحصاءات كاملة وبات لدينا بيانات كاملة لكافة المؤسسات العاملة ضمن نطاق زحلة وضمن إطار برنامج عالمي لتوفير المعلومات، علماً ان رؤية الجمعيّة كانت تتضمن إنشاء منصة الكترونية حديثة بحيث ننتقل الى E -Commerce من دون تحميل أي عبء مادي مقابل على عاتق التجّار. إلاّ ان هذا المشروع علّق اليوم بفعل الظروف الماليّة لكننا لا نزال نواكب من خلال الإعلانات على مواقع التواصل الإجتماعي.
- أخيراً، كيف توفقّون بين عملكم الخاص وعملكم في الجمعيّة، ونحن نعلم ان العمل في الشأن العالم يتطلب مجهوداً استثنائياً؟
في الحقيقة، نحن بصدد تطوير العمل في الجمعيّة لجعله مؤسساتياً لا يرتبط بشخص الرئيس، بمعنى نعمل على أن يكون لهذه الجمعيّة جهازاً إدارياً يستطيع تنفيذ الخطط المرسومة، بغض النظر عن الرئيس.
- هل من كلمة أخيرة؟
في النهاية نحن نتمنى على الرؤساء والوزراء المبادرة فوراً لاتخاذ القرارات الناجعة لنتمكّن من الإستمرار والخروج من هذا النفق المظلم.
Recent comments