الأمين العام المركزي المساعد في الجامعة اللبنانية الثقافيّة في العالم أحمد عاصي: العَمَلِ الإغترابيّ يهدف إلى توحيد الطّاقات
خلال لقاءٍ حواريٍّ جمعنا مع الأمين العام المركزي المساعد للجامعة اللّبنانيَّة الثَقافيَّة في العالم الأستاذ أحمَد عاصي، دار الحوار حولَ الشّؤون الرّاهنة والقضايا الإغترابيَّة، والرّؤى التي تصبو إليها الجامعَة بينَ شباب الجاليَّة اللّبنانيَّة حولَ العالم وغيرها من المواضيع الحساسة، استهلَّينا الحديث ببطاقة تعريفية عن أمين عام مركزي مساعد للجامعة اللبنانية الثقافية في العالم، والتي يرأسُها الأستاذ عبّاس فوّاز، وأمّا الأمينُ العام المركزي الحالي فهو الأستاذ عاطف عيد، وحاليّاً يعمَلُ الفاعلون في الجامعة تحتَ إطار توحيد الطّاقات الإغترابيّة، وجَمع الكفاءَات والإمكانيّات اللُّبنانيَّة في المهجَر.
وفي معرض الحَديث عن حَقيقة إنجاز الأهداف بفعاليَّة في الجامعَة، خصوصاً أنَّ هناك أصواتاً عديدة، من هنا وهناك، ترتفعُ في الآونة الأخيرة، وتَدَّعي التَكلُّمَ بإسم الجامعَة اللّبنانية الثَقافيّة، فكانَ جوابُه أنَّ الواقع الثَّقافيَ الإغترابيّ مهما بلغَ من حَيَويّتِهِ ونشاطِه وتقدُّمِهِ لا يستطيع أن يكون منعزلاً عن الواقع الدّاخليّ اللّبناني، وتطوّراتُ الأحداث سياسيّاً وأمنيّاً وإقتصاديّاً، إذ صدَّرَت بعضاً منَ الإشكاليّات إلى الخارج، وأثَّرَت بشَكلٍ أو بآخر على العالم الإغترابي. وعَن كيفيَّة معالجةِ هذه الإشكاليّات، تابعَ موضّحاً بأنَّ المعالجة كانت دائماً في الرُّؤيةِ من زاويةٍ واسعة، وفي السَّعي إلى توحيدِ الجهود وجمعِ الشَّمل، تماماً كما كان يحدُث في الوَطنِ المقيم من مصالحاتٍ وتلاقٍ وطّيّ صَفَحات الماضي تحتَ أطُرٍ قانونيّةٍ ومؤسَساتِ الدَّولة. وأكّد على العَمَلِ الإغترابيّ الهادفِ في الأساس إلى توحيد الطّاقات تحتَ عباءَة الشَّرعيّة الإغترابية اللُّبنانيّة والمتمثلة في الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم. وفي لمحَةٍ تاريخيَّة ألمح انَّ هذه الجامعة تأسَّسَت بمرسوم رئاسيّ في زمَنِ رئيس الجمهوريَّة اللّواء فؤاد شهاب وتحتَ جناحِ وزارة الخارجيَّة والمغتربين، كتَقديرٍ منَ الدَّولة اللُّبنانيّة لموضوع الإغتِراب، وهذا عائد للمُغتربين أنفسهم أوّلاً الذين أوجَدوا مساحاتٍ هامّةً لوجودهم وعِلاقاتهم وكفاءَاتهم في دول الأغتراب، والذي يعمَلُ عليه حاليّاً الرئيس العالمي الأستاذ عبّاس فوّاز، ألا وهو إبقاء الباب مشرَّعاً لدخول المغتربين اللُّبنانيّين تحتَ لواء الجامعَة اللبنانيّة الثَقافيَّة. وأوضح أن التقدّم في هذا المجال إجتازَ مسافاتٍ وأشواطاً، وتضافرِتِ الجهودُ بين الرئيس عبّاس فوّاز والأمين العام المركزي عاطف عيد وتبَلوَرت في الكثير من التَّفاصيل في مشاكلَ ودعاويَ قضائيّة كانت تعاني منها الجامعة، فتحقَّقت المصالحة بالتّنازل المتبادل عن هذه الدّعاوي بين الأفرقاء كافة، وطويَت صَّفحة الماضي وفتِحَ الباب لمن يريدُ أن ينضَمّ ويتعاون من المغتَربين في كلِّ إتّجاه. وفي الكلام عن أنَّ لبنان يعتمدُ على تحويل أموال المغتربين، وعمّا إذا كان لا زال المغتربون قادرين على مساعدة المقيمين في هذه الظّروف الصَّعبَة التي يمرّ فيها الوطَن؟! فأجاب ضيفنا أنّه في السّنوات الأخيرة كانت التَّحويلات الماليّة السنوية للمغتربين إلى لبنان حوالي ثمانية مليار من الدّولارات، وهذا الرّقم يشكِّلُ أساساً هامّاً بالقياس إلى حَجم الإقتصاد اللّبناني، والآن هناك حالة إستثنائيّة ناتجة عن الصّعوبات النَقديّة وواقع المصارف، ولا شكَّ أنّ هناك توجّهاتٍ ومخاوفَ عند المغتربين ولكنّهم لا يمكن إلاّ أن يكونوا عنصراً داعِماً لأهلِهم في الوطن. والتَّحويلات من الخارج ساعدَت فيما مضى لبنان على إجتياز مَرحلة الحربِ الأهليّة، وهكذا الآن أيضاً في محنتِه الرّاهنة، لن يتركوه يتخبط دون أن يمدوا له يد المساعدة وكما يقول الرّئيس الأستاذ نبيه برّي أنَّ لبنان يحلّقُ بجناحيهِ: المغترب والمقيم. وحتى لو كان هناك صعوبات في التَّحويلات المصرفيَّة، يجزمُ بقوله : «سيجدُ المغتربُ اللبناني شَرايينَ أخرى لضَخّ الدّعم للّبنانيّين المقيمين».
أما عن نشاطات الجامعَة الرّاهنة خصوصاً في ما تقدّمُه كمساعدةٍ للوطن النّازف، فشرحَ الأمينُ العامّ المركزي المساعد أنَّ العملَ جارٍ في ناحيَتَين: أوّلاً لجهةِ ترتيبِ البيتِ الدّاخلي للجامعَة كرؤيا ونِظام ووحدَة وخُطّة لرَبط الشّبابِ اللُّبنانيّ مع الوَطن المقيم في برنامج عَمَل، وثانياً في المساعدة أثناءَ الأزمات.. فمثلاً أثناءَ الحرائق في لبنان تمَّ التصريح عن الإستعداد للمساهمة بالمال وتقديم الشّتول الزّراعيّة. ومنذ 17 تشرين أعلنَ الرّئيسُ العالمي الأستاذ فواز عن تأسيسِ صندوقٍ لإنماءِ ودعم صغار الصّناعيّين والمزارعين، وقد تم تقديم طلبَ للأمم المتّحدَة لدَعمَ البنية التأسيسيّة لهذا الصّندوق. وأعربَ عن إستيائِه من كون الأزمَة كبيرة والدَّولة لم تجدِ الحلول المناسبَة بعد. وأكّدَ ثانيةً على أنَّ المغتربين على إستعدادٍ دائم لبَذل ما يمكن لتحقيق الحلّ والمساعدة. وعن وجهة سير الأزمَة الإقتصاديّة الرّاهنة، عبّر أنّه ليس أمامَ اللبنانيّين إلاّ أن يتطلَّعوا إلى الخلاص والإزدِهار، ورغم كلّ هذه العَثرات يجبُ الإبقاء على فسحَةِ الأمَل. والثّقة كبيرة في الطّاقات الشَّبابيَّة التي تبدِعُ في أكثر من مكان في عالم الإغتراب، وهذه تبعثُ الأمَل وتشكّلُ الرّافعة الأساسيَّة للبَلد وهي قادرة على تقديم الحلول. ولكن هل تستطيع الحكومةُ الحاليّة حكومة الدّكتور حسّان دياب أن تقدّم تغييراً للواقع الإقتصادي المتردّي في لبنان؟ وكانت إلأجابةُ أنّه متفائل في هذه الحكومة وهي ليست «سوبرمان»، ولكنّها تقدّمُ المناسب والأفضل، ويجبُ على المؤسّسات الأخرى والمجتمع المدني والهيئات أن تتعاون لبرمجَةِ الحلول وصناعةِ الخلاص. وأوضحَ أنّه يجب أن تعي الطّبقة السّياسيَّة جيّداً حَجمَ المشكلة التي يمرّ بها لبنان، فالجميع في مركَبٍ واحد والبرَكَة كما المصيبَة تطالُ الجَميع. وبالكلام عن نشاطات مَوسم الصّيف المقبل والمشاريع التي يتمّ تحضيرُها، أعلنَ أنَّ هناك اليومَ العالمي للمُغترب الذي تحتفل به الجامعة كل سنة، والذي كان نتيجةَ قرار من مجلس الوزراء عام 2000 ويقع نهاية الأسبوع الثّاني من شهر آذار من كلّ عام، والجامعَة الثَقافيَّة كانت قد حضرت نشاطات تحتَ رعايةِ وزير الخارجيّة والمغتربين، وتمّت الموافقة على هذه الرّعاية، وكان سيكون تجمُّع وفود المغتربين حَولَ تمثالٍ للمُغترب ولكن نظرا للظروف الراهنة التي تمر بها البلاد تم إلغاء هذه الأخيرة، وكان من المفترض توقيعُ كتابٍ ساهمَت الجامعة في هندسةِ فصولِه، وهو تحت عنوان «المؤتمر العِلميّ حول الإغتراب اللّبناني». كما لفت أنه كانَ هناك مؤتمر ليَومين في النَّبطيّة برعاية الجامعة في شَهر كانون الأوّل من العام 2019 وتمّ جمعُ الأبحاث والدِّراسات بين دفتي هذا الكتاب، وسيتمّ التَّوقيع عليه متى سنحت الفرصة في ثانوية حسَن كامل الصبّاح في النَبطيّة، وسيكون هناكَ حفل عشاء إغترابي برعاية معالي الوزير. ومن النّشاطات الصّيفيَّة الأخرى، أنه تمّ تشكيل لجنة برئاسةِ نائب الرّئيس لشؤون الشَّباب والرّياضة الأستاذ محمّد الجوزو تعمل بأشراف الرئيس العالمي عباس فواز، وستدرسُ هذه اللّجنة إمكانيّة إحياء صيف المغتربين اللبنانيّين لهذا العام عام 2020 كتعبير عن أهميّة التوجُّه نحو الأجيال الشَبابيَّة في المغتربات والعلاقات مع الوطن.
وعن سؤالنا إذا ما كان الشّبابُ اللبناني في المهجَر يرغبُ في العودة إلى لبنان؟
أكد أن الشباب اللبناني في المغترب يرغب العودة عندما يجد الأُطر المناسبة التي تستوعب كفاءاته العلميّة والمهنيّة التي حصلها، لكن الأهم يبقى أنه يجب العمل على أتقانه للغة العربية وبذل الجهود في هذا المجال لأن اللغة هي عنصر ربط أساسي مع الوطن الأم وهي تمثل الهوية والإنتماء وتساعد على تمسكه بتراثه وجذوره.
وسابقاً، المديرية العامة للمغتربين وإيمانا منها بخصوصية العلاقة التي يجب الحفاظ عليها بين الوطن الأم والشباب المغترب أقدمت على إحياء 12 مخيماً إغترابياً وعلى مدى اثني عشر عاماً، حين كانت تستقدم كل عام 300 شاب وشابة من بلاد الإغتراب وعلى مدى عشرة أيام، تجوب بهم مختلف الربوع والمناطق اللبنانية يتعرفون فيها على المسؤولين وعلى البنى الثقافية، كما التعاون فيما بينهم كان شيئاً مميزاً ومؤثراً لأنهم أبقوا على التواصل وتوسع إلى مجالات الأعمال وبناء الصداقات وكانت الأولوية بالمشاركة تعطى للذين يأتون للمرة الأولى إلى لبنان.
وبالسّؤال عن ضَرورة أن يكونَ الإداريُّ في الجامعَة مغترباً. أجاب بصريح العبارة أن الإدارات الرّئيسيّة والهيئة المركزيّة والأمين العامّ يجب أن تكونَ للمغتربين، ولكن في الأمانة العامّة المركزيّة يوجد وظيفة الأمين العامّ المركزيّ المساعد، وهذا مَهامُه إداريّة داخل الجامعَة ولا بأس أن يكونَ من المقيمين في لبنان، ويتابع كافة الأمور اليومية والأعمال التنسيقية اللازمة.
Recent comments