الأمن الغذائي في اسرائيل يقف على عتبة الإنهيار
حسين زلغوط
خاص- "رأي سياسي"
تتعرض الحكومة الاسرائيلية من مواطنيها للسخرية كونها لا تمتلك خطة بعيدة المدى للامن الغذائي على الرغم من ان ذلك يعتبر الأكثر تهديدا ، سيما ان الحرب على غزة قلصت المساحات المزروعة في غلاف غزة الذي يوصف بسلة الغذاء لاسرائيل لكونه مصدر 75 بالمئة من المحاصيل، اضافة الى ما حصل في الشمال حيث ابعدت المواجهات مع "حزب الله" الآف المزارعين من المنطقة الشمالية لاسرائيل مما حرم تل ابيب من كميات كبيرة من الفواكهة والخضار ، كما ان تخلي الحكومة الاسرائيلية عن العمالة الفلسطسنية أثر ايضا في هذا المجال، هذا عدا عما يجري في البحر الأحمر حيث ان استهداف الحوثيين للسفن المتجهة الى اسرائيل رفعت من تكاليف النقل البحري مما أثر على اسعار المنتجات الغذائية حيث يؤكد أحد كبار الخبراء الإسرائيليين أن عملية صنعاء البحرية تهدّد الأمن الغذائي الإسرائيلي، وأن العملية الأخيرة سيكون لها تأثير استراتيجي كبير على التجارة الإسرائيلية مع العالم.
ويشير رئيس معهد الأبحاث الإسرائيلي "نير غولدشتاين" الى أن أكثر من 70% من المواد الغذائية لدينا يستورد عبر البحر، 85% من لحوم البقر تصل إلينا بواسطة السفن، عبر ميناء إيلات، أشدود وحيفا، الموانئ الثلاثة أو طرق الوصول إليها مهددة الآن.
واذا كانت اسرائيل لا تسمح بنشر عدد القتلى والمصابين جراء صواريخ المقاومة في الشمال، والعمليات البطولية التي تقوم بها حماس في غزة ضد جنود الاحتلال، فإن مراكز الابحاث والدراسات تواصل نشر الاخبار التي تظهر ان اقتصادها يعاني وامنها الغذائي في خطر بعد الشلل الذي اصاب القطاع الزراعي وهروب الفلاحين والمزارعين من المستوطنات، والشلل الذي ضرب ايضا عمليات الاستيراد بفضل الصواريخ اليمنية التي تعترض السفن التي تمر بالبحر الاحمر والتي تتجه الى الموانئ الاسرائيلية.
ففي أعقاب عملية "طوفان الأقصى"، لم يعد بإمكان المستوطين من ممارسة الزراعة بسبب المخاوف من تكرار هجمات المقاومة، وقد تسببت الظروف ذاتها في فرار ما يصل إلى 7000 عامل أجنبي من أماكن عملهم شمال إسرائيل، الذين يُشكِّلون الجزء الأكبر من القوى العاملة الزراعية الأجنبية فيها والمقدرة بنحو 30 ألف شخص قبل عملية "طوفان الأقصى".
لا تقف الأمور عند هذا الحد، حيث تؤكد وزارة الزراعة التابعة للاحتلال أن المزارعين الإسرائيلين المتبقين للعمل في المزارع لم يعودوا متاحين أيضا، بعد أن قام الجيش باستدعاء 360 ألف جندي احتياطي للخدمة العسكرية، ما تسبب في ترك العمال في القطاع الزراعي لأشغالهم، سواء كان هؤلاء الأشخاص يعملون في جني المحاصيل أو جمع الأخشاب أو قيادة الشاحنات، ما دفع حكومة الاحتلال لاستقدام 5000 آلاف عامل أجنبي للعمل في الوظائف الزراعية في تشرين الثاني الماضي.
ومع استدعاء هذا العدد الكبير، بدأت قطاعات اقتصادية داخل إسرائيل في التضرر بشكل كبير، لا سيما الزراعة التي توفر لها اكتفاء ذاتيا في كثير من الأغذية الأساسية.
وبحسب وزارة الزراعة الإسرائيلية، كانت المزارع في الشمال، التي أُخليت نسبة كبيرة منها، تنتج 40% من الفاكهة شبه الاستوائية في إسرائيل، و70% من البيض. أما الآن فقد صارت هذه المناطق، وحتى في الشمال قرب حدود لبنان، مناطق لاحتشاد الجيش، وصارت مكدسة بالخيام الخضراء والدبابات، ولم يعد هناك مكان للمزارعين.
كما بدأت إسرائيل في استيراد المزيد من الخضراوات بمقدار يفوق بكثير ما اعتادت عليه سابقا. ورغم ذلك، فإن الأمن الغذائي الإسرائيلي لا يزال يواجه خطرا حقيقيا، ليس فقط بسبب التكلفة المرتفعة للاستيراد، لكن الأهم أن هذه العملية تواجه بدورها صعوبات أثناء الحرب.
اضف الى ذك فإن 85%من إمدادات إسرائيل من البروتين الحيواني، المتحصّل عليه من لحوم البقر، والأسماك، والدواجن والبيض، المستوردة بمعظمها، معرضة لخطر كبير من النقص، بحسب معهد (GFI Israel) لأبحاث الأمن الغذائي.
ورغم التكتم الشديد والظهور بمظهر الحكومة المسيطرة على الوضع الا ان تقرير جمعية "ليكيت" التي تعرف بأنها بنك الطعام لإسرائيل، فإن اسعار الخضار والفاكهة تضاعف بشكل كبير في الاراضي المحتلة وبدأت الاصوات المعترضة تعلو في الداخل الاسرائيلي، حيث ارتفعت أسعار البندورة على سبيل المثال بنحو 50%، وزاد سعر الخيار بنحو 90%، كما زاد سعر البطاطس بنحو 40% وغيرها من انواع الخضار.
Recent comments