تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

Add

الراعي

أيها البطريرك الراعي: أنت لا تريد بناء دولة الحقّ في لبنان "

بقلم جورج عبيد

"إذا قبلت المرجعيّة الدينيّة أن تكون قيادة سياسيّة، أي أن تتدخّل في اليوميات الساسيّة، فيحقّ عندها للعلمانيّ والمدنيّ أن يعاملاها كفريق سياسيّ". هذا الكلام للمطران جورج خضر أدفعه إليك أيها السيد البطريرك لا كمرجعيّة روحية بل "كقيادة سياسيّة" لأسألك وببساطة أين رأيت التحوّل نحو النظام البوليسي في لبنان؟ دلّني على سلوكياته وأفعاله، هل رأيته عند الرئيس الحبيب ميشال عون حامل صليب لبنان ومسيحيي المشرق، وهو الرئيس المسيحيّ الوحيد في ديار المشرق والذي تحمّل وزر الانقلاب في 17 تشرين الأوّل 2019 وعلى الرغم من ذلك دعا شباب لبنان المتداخلين في الانقلاب للتحاور معه في القصر للمشاركة في حمل هموم البلد الماليّة والاقتصاديّة، والذي تحمّل طعن الحراب وطعم الخيانات ومرارة الإهانات، ولم يرفع دعوى واحدة بوجه هؤلاء، فيما أنت بالذات لم تقف لحظة واحدة للدفاع عنه لا كميشال عون، بل كرئيس مسيحيّ في محيط عربيّ إسلاميّ؟ أو أنّك رأيته في القضاء الذي انتفض للمرّة الأولى وبدأ يضع الإصبع على الجرح بملاحقته الفاسدين الكالحي الوجوه من ضمن أنظومة الحرب على الفساد وقد تقنا إليها غير مرّة؟

حين دافعت عن رياض سلامة المسؤول الأوّل عن وصولنا إلى هذا الوضع الماليّ البائس، رددت عليك بمقال في موقع التيار الإلكترونيّ، وقلت لك، إنك تنفّذ إرادة خارجيّة بالدفاع عنه، إلى حين اتصل أحد كبار أصدقاء بكركي بصديقه الحبيب المطران سمير مظلوم مستهجنًا وحاضًّا باتجاه تصحيح الموضوع. فتمّ التصيحيح بالزيارة إلى الرئيس الجبل. 

وها أنت تعود اليوم لتطلق سهامك من جديد على القضاء، أي على القضاة تحديدًا وتقول بأننا في نظام بوليسيّ. لا يا صاحب الغبطة ليس هذا من شيمك وجوهرك ورسالتك كبطريرك على أنطاكيا وسائر المشرق للموارنة، وكلامك لا ينتمي إلى تراث البطريركيّة العريق في البحث عن الحق والشهادة له. هل توقيف نقيب الصرافين محمود مراد يندرج في النظام البوليسيّ أو لأنّه أحد كبار المتلاعبين بسعر صرف الدولار، هل توقيف مازن حمدان مدير الخزينة في مصرف لبنان وأورور فغالي و...و...يندرج في النظام البوليسيّ أو لأن حمدان متهم بالتلاعب بسعر صرف الدولار وقد اعترف بدور رياض سلامة بذلك، أو لأن الأخيرة متهمة بقضيّة الفيول أويل المغشوش، كيف تقبل بأن يهين أحد النواب وهو من أبناء كنيستك القضاء بمداهمته مكتب القاضية غادة عون، والاشتباه واضح حول علاقته بهدى سلوم ونهاد المشنوق... أو أنك عفوًا تتجاوب مع فريق سياسيّ خرج مؤخّرًا بصوته النشاذ ليعلن حمايته  للمطلوبين معتبرًا نفسه فوق القانون وفوق القضاء رافضًا تسليمهم ومتحدّيًّا الدولة؟

سؤالي لك أيها البطريرك ماذا تريد من هذه العظة؟ ماذا تريد من مهاجمتك لحكومة نجحت في مواجهة الكوفيد-19 وهي نتجح في دفع لبنان نحو النور وتجهد في بناء الدولة، وقد كشفت قضيّة الفيول أويل المغشوش وبدأت تغوص في كشف بواطن الفساد من الصرافين إلى المصارف إلى مصرف لبنان وهم في حلف جهنميّ؟ ماذا تريد من مهاجمتك لعهد رئيسه لا ينام في الليالي وفي بلاده أطفال بحاجة للحليب وفقراء بحاجة إلى كسر الخبز؟ قل لي بربّك ماذا تريد فيما كان المفترض بك أن تدافع عن الحقّ بتشجيع الدولة للانتفاضة على الفساد؟

كل خطابك يدل على مأزوميّة الكنائس المشرقيّة. ليتك سمعت حوار الحبيبين غسان الشامي وجورج ياسمين على شاشة الأو تي في، ليتك سمعت كلام غسان الواضح كلّ الوضوح عن بعد الكنيسة عن حاجات الناس وفقرهم ووجعهم... ليتك تعود إلى سيرة البطريرك العظيم غريغوريوس الرابع حدّاد الذي باع صليبه ليطعم الجائعين المحتشدين في رواق البطريركيّة المريميّة في دمشق.

أيها البطريرك إذا كنت تريد بناء الدولة فاترك القضاء وشأنه... اتركه يعمل... وإلاّ فاسمح لي وبجسارة وحسرة بالقول، أنت تجافي تاريخ البطاركة الموارنة العظام. أنت لا تريد بناء دولة الحقّ في لبنان. والسلام.

إضافة تعليق جديد

Plain text

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.

test

ARAB OPEN UNIVERSITY
Advertisment
The subscriber's email address.