من ينقذ لبنان؟ بقلم الدكتور ميشال افرام

من ينقذ لبنان؟

بقلم الدكتور ميشال افرام بصفتي الشخصية وليس الرسمية.

مضى علي ٣٧ عاماً في عملي، ٣٧ عاماً أستاذاً جامعياً منها ١١ عاماً مديراً لكلية الهندسة الزراعية في جامعة القديس يوسف و١٨ عاماً رئيس مجلس إدارة مدير عام مصلحة الأبحاث العلمية الزراعية و١٨ عاماً عضواً مجلس أمناء ايكاردا وسنتين رئيساً لمجلس الأمناء ذاته .
ترأست وشاركت في ٤٠٠ لجنة مناقشة أطروحات دكتوراه وهندسة زراعية وماجستير.
كنت بتواصل مع بعض الشباب الذين هاجروا حديثاً الى الخارج وبعضهم من رفاق أولادي أو من طلابي، علماً أن عائلات كثيرة هاجرت وليس الشباب فقط.
أراهم فرحين، مرتاحين، يعملون، يحسون أنهم بشر لهم وجودهم وقيمتهم وليسوا عدداً يتم سوقهم حسب الاهواء السياسية أو الطائفية أو الحزبية.
وجدت نفسي لو انني لم أتعلم ولم أعمل ولو يمكنني الرجوع بالعمر الى الثلاثين ، لكنت هاجرت أنا أيضاً.
أتتصورون درجة الغرق واليأس لدي ولدى معظم الرجال والنساء والعائلات اللبنانية.
اذهبوا الى السفارات ومراكز فحوصات اللغات الفرنسية والإنكليزية : لم يمكن أن تحصوا عدد الأشخاص!!!
أنا نادم لأنني لم أغتنم فرص كثيرة لأبقى في فرنسا أو نيويورك أو مدن عالمية كثيرة.
لقد أنجزت في عملي في لبنان الكثير من خلال تدريسي للشباب الجامعي الا أنني لم أستطع منعهم من الهجرة: لقد فشلت!!
لقد استطعت تطوير مصلحة الأبحاث العلمية الزراعية، وأيضاً الكثير من الباحثون يهاجرون!!!
لم أترك بلدي لإيماني به وبمستقبله وبإمكانية المشاركة في التغيير الإيجابي !! كنت مخطئاً خلال ٣٧ عاماً لم يحصل أي تغيير إيجابي!!
الامر الوحيد الذي الذي لم أندم عليه هو تربية أولادي حسن التربية والاهتمام بأهلي ولكن المشكلة هي أن أولادي يفكرون بالهجرة والاهل بعد عمر طويل سيرحلون...
سأبقى وحيداً في بلد قاعدته الفساد، نظامه الفوضى، مبادئه عدم الاخلاق، لا خضار فيه ولا جمال طبيعة بالرغم من كل الفيديوات التي تحفز السياحة في لبنان: السواح يأتون واللبنانيون يهاجرون : أية معادلة حسابية هي هذه المعادلة!!
تعمل مدى عمرك فيطير كل ما جنيته... تعيش حالياً أبشع من العام ١٩١٥ ومجاعته، تعيش فساداً وجشعاً وانحطاطاً واختفاء الحياء ما وجد في أي بلد.
زرت منذ سنين سريلانكا: إنها جنة!!
زرت كوالامبور : إنها جنة أخرى!!
زرت القطب الشمالي: إنه جنة بيضاء!!
تنظر الى لبنان: حرق دواليب ، مجاهة، ناس تقتل بعضها للحصول على لقمة العيش، طرقات حتى السيارات رباعية الدفع لا تستطيع السير عليها ، لا انارة، لا كهرباء، لا مياه واذا وجدت ملوثة.
خلقنا الله لنعيش هذه الحياة؟
لم أسمع أحداً من المسؤولين يوضح بجدية وبشفافية ماذا يحدث ولماذا وما هي الحلول؟؟
لذا الحل الوحيد: لبنان يطرد أبناؤه وعائلاته
لبنان طرد القيم والأخلاق، طرد المحبة، طرد الألفة، طرد العيش المشترك، طرد الشفافية، طرد الاستقامة وأصبح مبنياً على أسفل قاعدة في جهنم البشرية والحياتية والكونية والدينية.
منذ العام ١٩٦٢ وأنا أنتظر بناء لبنان وانتهاء كل المشاكل التي ذكرتها سابقاً!!!
اليوم ٢٠٢١ أي بعد ٥٩ عاماً ازداد الوضع سوءاً ويا ليت بقينا في الستينيات وتجمد الوقت وتوقف لكان أفضل وأشرف.
يا ليتنا لم نتطور لأن تطورنا هو تراجع وتدهور وانحدار الى الوراء والى الأسفل.
ربما لدى معظم القيمين على الوطن ، التطور هو العودة الى الخلف والسقوط في مجاهل الفساد.
أصبح الفساد أساس الحكم وليس العدل أساس الحكم.
حصلت خلال ٣٧ عاماً على حوالي ٢٠٠ جائزة دولية فيها فخر العرب وعشرات الأوسمة الأوروبية والأميركية ولم أحصل على أي جائزة لبنانية.
سأضع خلفي لوحة كتب عليها :"أنا فاسد ، أنا سارق" وهكذا ربما يمشي الحال؟؟!!
٢٠٢١/٣/٢٨
د.ميشال أفرام
رئيس مجلس أمناء ايكاردا
رئيس مجلس إدارة مدير عام مصلحة الابحاث العلمية