ملوك الجحيم! .. بقلم مارينا روفايل
ملوك الجحيم!
تَدَّعون الزعامة وأنتم لا ترقون إلى مستوى البشر.
تنصّبون أنفسكم حماة الدين والطائفة وأنتم لا تعرفون الله.
تستقتلون في سعيكم للمناصب العليا وأنتم أسفل القوم.
تحاضرون بالعفّة والطهارة فيما رائحة عفن فسادكم تملأ السماوت والقبوات.
تختلفون ثم تجتمعون.. تتخصامون ثم تتصالحون.. تتقاتلون ثم تتصافحون، لا! ليس لأنّكم أصحاب نوايا طيّبة وعقول نيّرة بل لأنّ ابليس الذي يسكنكم يجمعكم متى تنضج الطبخة السمّ التي تحضّرنوها!
لقد أذهلتم قادة العالم بتعجرفكم وكذبكم ونفاقكم وخداعكم!
فها ان أصداء إرتباكاتكم وفظاعاتكم تصل إلى أصقاع الأرض من دون أن يرفّ لكم جفناً!
لقد قطعتم شوطاً كبيراً في سباق الحكّام الفاشلين وما بقي إلّا القليل القليل لتتويجكم ملوك الجحيم عن جدارة!
فبكثيرٍ من الحنكة والعمل الدؤوب نقلتم لبنان من سويسرا الشرق إلى فنزويللا الشرق!
وبالفعل نفسه، حوّلتم بيروت، عروس العواصم المتألقّة، إلى كومة حجارة مجبولة بالدم والنار!
حقاً، ما أدهاكم وما أدهى جوقة المستشارين التي تسانكدم متى فاتتكم تقنيّات الإخراج المبدعة!
في الحقيقة، لقد إنهالت علينا أفضالكم وإنجازاتكم من كلّ حدبً وصوب حتى أصبحنا شعباً متسوّلاً ينتظر كسرة خبزٍ من الدول الحنونة!
وبعد كلّ هذا الكرم، يأتينا شعبٌ ناكرٌ ينادي بحكومة اخصائييّن مستقلين!
ما باله؟ أولا يدرك أن لدينا أصحاب اختصاص في قوننة الصفقات والسمسرات؟! أصحاب اختصاص ماهرون في لفلفة الملفات والفضائح؟ ! أصحاب اختصاص نزيهون يتمتّعون بإستقلاليّة تامة عن الضمير ولا يخضعون لحكم الأخلاق ومنطق المصلحة العامة!
فليحمد هؤلاء اللبنانيوّن الله على نعمة وجود مثل هؤلاء، فلولاهم لما كان الأمن القومي ممسوكاً ولما كان السلم الأهلي متماسكاً! وهذه حقيقة أكبر من أن يفهمها المواطن المسكين!
لم نعد ندري حقاً اذا كان من يسمّون أنفسهم رؤساء وزعماء يعيشون معنا في بلدٍ واحد؟ من أخبرهم ان "الإمضاء الثالث" هو ما يهمّ اللبنانيين على تنوّعهم؟ من أخبرهم ان إستشهادهم بالقوانين والمواثيق والأموات والأحياء يغيّر قناعات المواطن؟ من قال لهم أن حق تسمية الوزراء الموارنة أو الدروز أوالشيعة أوالسنة أوالأقليّات هو ما يشغل بال ربّ البيت؟ من قال لهم أن عدد الوزراء والحقائب هو ما يقلق راحة الكهول والشيوخ ويمنعهم من النوم؟
في الحقيقة هم يعلمون ان الناس تكفر بهم مع كلّ فجرٍ جديد! فهم يستطيعون سماع الشتائم التي تخرق جدار غرفهم السوداء!
هم يقدرون أن يشتمّوا رائحة القرف ويستطيعون إلتماس نظرات الحقد والإشمئزاز التي تبرز في عيون الناس، كلّ الناس!
نعم يعلمون كلّ هذا لأنّهم يدركون أنهم سبب المآسي والمعاصي! يعرفون أن وجودهم هو النكبة بحدّ ذاتها!
يعلمون كلّ هذا ويُمعنون في ممارساتهم البائسة، لا لشيء إلاّ لثقتهم بأن الناس لن تصل إليهم وهم يتحصنّون بعباءاتهم المذهبية خلف الأسوار الحديدية!
ولكن من قال أن ثورة الجياع ستحيد عن الزعيم والريّس والبيك وصاحب المعالي والفخامة والسعادة؟ من قال ان الطغاة لا يسقطون ولا ينكسرون؟ ومن قال أن الناس سترحم من لم يرحمها في يوم؟!
يُقال أن الثورة تولد من رحم الظلم والمعاناة والأحزان، فهل أكبر من أحزاننا ومعاناتنا؟
الجواب تعرفه أيّها التاريخ، لذلك نسألك تكون عادلاً ومنصفاً لمرّة!
وإلى حينه.. فلتحلّ لعنة الله عليكم يا ملوك الجحيم!
Recent comments