جرّاح التجميل الدّكتور غسّان حدّاد: عملية تجميل الأنف هي الأكثر طلبا
بعيدًا عن السّياسَةِ وشؤونِ جائحَةِ الكورونا وشجونِها، أجرَينا لقاء، مع الدّكتور غسّان حَدّاد المتخصّص في جراحَة التّجميل، حوارًا عن كلّ ما يتّصِلُ بهذه المِهنَة.
وفي بطاقة تعريفية سريعة هو جَرَّاح في التَّجميل والتَّرميم، دامت دراساتُه الطبيَّة في الخارج 13 سنة. وفي شَيْءٍ من التّفصيل مَيّزَ الدّكتور بينَ التّجميل والتّرميم. فالتَّجميل هو الجراحَة التي تعالجُ مشكلةً في التَنفُّس أو الاعوجاج في الأنف مثلاً، ولكنَّ الجراحَة بعد الاحتراق في البشَرَة أو بعد عمَليَّة استئصال جزْءٍ ما في الجسم تُعَدُّ ترميمًا. من مواليد الأرجَنتين! عادَ إلى لبنان ومنه إلى المَملكة العَرَبيَّة السُّعوديَّة حيث عمِلَ طبيبًا جرَّاحًا حتى عام 2010 ليَعودَ بعدَها ليستقرَّ نهائيًّا في لبنان.
وعن سبَبِ عودتِه وبقائِهِ في الوَطن والبلَد غيرُ مستقرّ، أجاب الدّكتور غسّان بأنَّ الأوضاع في عام 2010 كانت جيّدَةً والنّاس كانت مرتاحَة. كانَ إيراد الطبيب الشَّهري من المِهنَة في السُّعوديَّة يتجاوز الأربَعين ألفَ دولار آنذاك، ولكنَّه فضَّلَ العودة إلى لبنان ورَضِيَ بعشرةِ آلافٍ دولارٍ في الشَّهر لأنَّ الأوضاع كانت ممتازة وكانت واعدَة. وبالسُّؤال عن مكان إقامتِهِ قالَ الدّكتور بأنّه يسكنُ في مَدينةِ زحلة هي بلدته الذي لطالما أحبها وأمّا العيادَة فهي في بيروت جَلّ الدّيب، وهو يعمَل أيضًا في مستشفى الوَرديَّة وفي مستشفى تلّ شيحا وخوري في زحلة ولبنان الفرَنسي. بعدها ولَجَنا إلى قلبِ تفاصيل جِراحَةِ التَّجميل لنسأله عن نسبَةِ الذُّكور الذين يلجأون إلى إجراءِ جراحَاتٍ تجميليَّة، وإجابةُ الدّكتور حدّاد نوَّهَت بأنَّ النّسبَة في زيادَةٍ مطّردَة، لأنَّ هناكَ حاجاتٍ واستعمالات عَديدَة للتَّجميل.. مثل الجفون الهابطة والرَّقبة المترَهّلة في عمر الستّين وما فوق، خصوصًا إذا كانت الحياة العمليّة للمريض ناشطة إجتماعيًّا. وكذلكَ زرَاعة الشَّعر.. فالدّكتور حَدّاد يُحوّل مَريضَه إلى مركز زراعة الشّعر حيث العمَل أكثر سرعَة ودقّة في المتابعَة، ويَلي ذلكَ الفولوآب والبلازما. وتحدَّثَ أيضًا عن بوتوكس التَعَرُّق، فالأساتِذة والمُحاضرون والإعلاميّون والموَظّفون لا يحبّون ظهور العَرَق تحت الإبط أثناء التحدُّث أمام الجمهور أو الطلاّب، وكذلك عرَق الجَبين والوَجه، لأنَّ البوتوكس يمنَع التَعرُّق فوق الجَبين فلا يشعر الشَّخص بالارتباك والحرَج أمام الحضور. وجميع المُمثّلين يلجَؤُون إلى هذا النّوع من البوتوكس تجنّبًا للتعَرُّق والستريسّ طوال يوم البروفات والتّصوير المُرهِق، فلا يغيّرون ملابسَهم وقمصانَهم كلّ ساعة من التّمرين. ولكنّ الجراحات الكبيرَة قليلة عند الرّجال. ثمَّ تلاها استيضاح عن الجراحاتِ الأكثر رَواجًا عند الذّكور والإناث بالسَّواء، فأكّدَ الدّكتور حدّاد بأنّ عمليَّة الأنف هي الأكثر طلبًا، فالرَّجُل يريد التخلّص من الأنف العرَبيّ الكبير، والمَرأة تريد أنفًا أوروبيًّا صغيرًا. وانتقلَنا بعد ذلك للسؤال عن مشاكل هذه المِهنَة وعن قضيَّةِ المتَعدِّين على الكار والجَرَّاحين الدُّخلاء على المِهنَة، ومَدَى التّشويش والتّأثير الذي يُحدثونه في هذا المَجال. فتابع موَضّحًا بأنَّ النّاس تستطيع أن تميّزَ بينَ الجَرّاح والطّبيب العادي في هذا الاختصاص، ولكنَّ الناس مهتمَّة بالأكثر بالثَّمَن والتّكاليف، والدَّولة لا تتدَخّل لصالح هذا الاختصاص الطبّي، وهناكَ مُطالبات موجَّهَة إلى النّقابة لحماية هذه المِهنَة من الانتهاكات. ويُعطي الدّكتور حَدّاد مثلاً عن هذه الأخطاء ويقول أنَّ طبيب الأنف والأذُن والحُنجرَة يُجري عمليَّة تجميل الأنف في حين هي من اختِصاص التّجميل، ولذلك وجبَ الفَصلُ بين الاثنين. وفي منطقة البقاع، قالَ في نبرَةِ شَكوًى، يذهبُ المَرضى في نصف ساعة إلى دمشق، ويَعملون الجراحَة بأقلّ بكثير من التَسعيراتِ المحليَّة، وهذا يؤذي الجرّاح اللُّبناني كثيرًا. ولكنَّ المَرضى السّوريّين حاليًّا يأتون إلى لبنان لأنَّ التّسعيرات انقلبَت وصارَت أرخصَ من هناك.
وعن وضع المِهنة الرّاهن في ظلّ هذه الظّروف الاقتصاديَّة في البَلد والحَجر الصِحّي وقلّة السّيولة والغَلاء. فجزَمَ الدّكتور في كلامِه بأنَّ حراكَ المِهنَة الآن هو للبَقاء على قيدِ الحَيَاة وليس للإنتاج والنمُوّ، وللإبقاء على الزّبائن والتّواصُل معَهم، الصّراعُ وجوديٌّ حاليًّا لا أكثر، ونسبَة العمَل 5 بالمئة بالمقارنة مع السّنة الماضيَة. في العام الماضي عملنا لـ 800 زبون وأمّا في هذا العام فانخفضَ الرّقم إلى 50 زبونًا، أي إلى أقلّ من عشرَة بالمئة. الوَقت ليس للإنتاج بل لكي لا يكون هناك توقّف عن العمَل. وأكّدَ بأنَّ زبائنَه مسرورون رغم أنّهم يدفعون الثّمَن مضروبًا بسبعَة وثمانية معَ ارتفاع سِعر الدّولار. وبالسُّؤال أيضًا عن المُستلزمات والمعدّات والموادّ الطبيّة المستورَدة أجاب بأنّ هناك شركاتٍ مستورِدَة لم تعد تسلّمُ بضاعتَها بسبب أزَمَة الدّولار، فلجَأ الجرّاحون التّجميليّون إلى بعض الاصدقاء والمعارف العائدين إلى الوطَن ليَجلبوا لهم معهم كميّاتٍ معيّنة محدودة، هذا والسّوق المَحليَّة تفيض بالبضَاعَة الصّينيَّة والكوريّة غير الآمنة وغير الشَرعيَّة. و عن المَرأة المُريحَة كزبونة.. أهيَ اللّبنانيَّة أم العرَبيّة أم الأجنبيَّة؟ فأجاب الدّكتور من فورِه بأنَّ الأوروبيَّة هي الأسهل لأنّها تعرف ماذا تريد، وأمّا الشَرقيَّة فتأتي وتسأل: "شو بَدّو وجّي؟ ولهذا السّبَب ضروري أن يكون الطّبيب ملمًّا بنفسيَّة المرأة حتى لا يجرح مشاعرَها إذا قال لها أنَّ أنفَها قبيح مثلاً! وشرَحَ الدّكتور أنَّ هناك نوعًا من المَرضى (مرضى الصّورَة الذاتيَّة).. هؤلاء مهما جَمَّلوا في وجوهِهم لن يُعجبَهم شَيء! وهؤلاء لا تُجرى لهم الجراحة قبل تحويلِهم إلى طبيب نفسانيّ فيحصلوا منه على السّماح بمباشرة الجراحَة. وفي لبنان، نحن الطبيبُ النفسيُّ ونحن الجرّاح التَّجميلي بالسّواء. هناك نسَاء في خصومَة عاطفيَّة مع الصَّديق الحَبيب فيَلجَأنَ إلى الجراحة إنتقامًا منه، أو أنّها "مْصاحبه" وسوفَ يهجرُها صاحبُها فتُسرع إلى إجراء العمليَّة من "جَيبتو" قبل الانفصال. وهناك أيضًا من هو جَميل الأنف، تابعَ فنقول له أنَّ أنفَه جميل فيذهب إلى جرّاحٍ آخر ويُشوّه أنفَه. العاملُ النّفسيّ هامّ في هذه المَهنَة ويؤخذ بعين الاعتبار،
وفي الختام وجه الدكتور حداد دَعوَةً إلى الصّبر قليلاً على الصحَّة، فلا يساوموا على التكاليف، ويشتروا التّشويهَ لأنفسهم ولوجوههم بثمَنٍ بَخس.
Recent comments