"بين المتحول والثابت" بقلم: د.ميرنا داود
مما لا شك فيه أن الجمود في الحياة يحمينا مرحلياً من عواقب التغييرات الدراماتيكية. ولكن لا يستطيع أن يحصننا لفترة طويلة. فوتيرة الحياة تستدعي منا أن نتغيّر معها. أما الجمود أو محاولة استدعاء الماضي فتحمينا لفترة وجيزة؛ ذلك أن احتياجات التغيير ستفرض نفسها في نهاية المطاف.
في الحياة كما في السياسة أمثلة كثيرة:
لويس السادس عشر وماري أنطوانيت في فرنسا و تشالز الأول في انجلترا و غيرهم كثر رفضوا التعامل مع الواقع فجرفهم التيار ، كذلك تأخر السوفييت في التغيير فلما حاول غورباتشوف هدم الجدار جاء متأخراً فجرف التغيير الذي رفضه الكثيرون وجرف معه الذي يريد التغيير . واستطاعت في بريطانيا الملكة اليزابيت أن تمارس لغة جديدة فاتخذت موقفاً محايداً في الصراع بين الكاثوليك والبروتستانت مما أربكهما إلى أن جاءت اللحظة المناسبة وتدخلت لمصلحتها. كذلك فعلت كاترين الثانية في روسيا بليونتها ومرافقتها للأحداث والرغبة بالتغيير.
المرنون يتعرضون للنقد الشديد وأحياناً للسخرية لكنهم ينتصرون في نهاية الأمر والمتصلبون يخطفون إعجاب(العامة) بهم... لكنّهم يخسرون في نهاية المطاف.
في الحياة يحاول البعض مقاومة التغيير بالتشبث بالماضي. قد يفيدهم وقتياً لكن شعلة التحولات موجودة وستُنشيء الصدام لا محالة.
نعم التغير هو قانون الحياة لكنه إما أن يأتي تراجيدياً أو يأتي سلمياً مخمليّاً.والثابت الوحيد في الحياة هو المتحول.
إن الصراع الأزلي بين الجديد بكل متغيراته اللازمة لمواكبة الحياة والقديم بكل تراثه ورصانته له دروسه الخاصة. ولهذا فإن مسايرة المتغيرات بليونة والجمع بين الأصالة والرصانة من ناحية والليونة والمتغيرات من ناحية ثانية يسمى التعايش complimentary وهو الذي يضمن استمرار الحياة والوجود من دون تكاليف باهظة.
Recent comments