خاص برايفت ماغازين: القطاع العقاري يعاني جموداً خطيراً الأستاذ أحمد دياب:
الغيمة السوداء ستمرّ وعلى الدولة أن تعطي الضوء الأخضر لتنشيط الأسواق
يمرّ القطاع العقاري وغالبية القطاعات الإقتصادية الإنتاجية في لبنان بحالٍ من الركود والجمود المقلقين، وسط أجواء تتحدث عن إنهيار وشيك وكامل للقطاع الأكثر حيوية وإزدهاراً منذ إنتهاء الحرب في تسعينات القرن الماضي وحتى العام 2011. فبعدما كان يشكل هذا القطاع العامود الفقري للإقتصاد الوطني، نجده اليوم يعاني شللاً خطيراً بظلّ تفاقم الأزمات المالية والسياسية وتداخلها لترسم علامات إستفهام كثيرة حول مستقبل هذا القطاع والإتجاه الذي سيسلكه في المستقبل المنظور. أسرة مجلتنا تطرح هذا الملف مع الخبير العقاري الأستاذ أحمد دياب الذي يضعنا في صورة الوضع الحقيقية، بالإضافة إلى أبرز التحديات والمطبّات التي تعرقل نموّ هذا القطاع، فضلاً عن تأثيراته على مختلف الجوانب الحياتية والإجتماعية لا سيّما في منطقة البقاع.
- كيف تقيّمون الوضع القطاع العقاري في لبنان في هذه الفترة؟
القطاع العقاري هو جزءٌ من الإقتصاد اللبناني لا بل جزء أساسيّ منه، كلّنا يعلم بأن الإقتصاد الوطني يعاني من أزمة حقيقية نتيجة عوامل متعددة، تبدأ بتراكم الديون ولا تنتهي بعدم القدرة على التحوّل إلى بلدٍ منتج على المستوى الصناعي والزراعي، حتى ان السياحة هي موسميّة وتقتصر على مناطق محددة. اليوم وبالرغم من إستقرار الأوضاع الأمنية، إلّا أن الإتفاقات الدولية مع لبنان والتي تعتبر ركيزة أساسيّة في عمليّة بناء إقتصادٍ سليم لا تزال بعيدة المنال بفعل الشروط التي تضعها البلدان الأوروبية، علماً بأن غالبية تلك الشروط لها خلفيّات سياسية ناتجة عن عدم ثقة المجتمع الأوروبي والدولي ببعض الشخصيّات في السلطة بسبب شبهات حول تورطها في ملفّات فساد وغيرها، لذلك لا بّد من إظهار بعض الجديّة في تنفيذ الإصلاحات المطلوبة، بالإضافة إلى إعادة التوازن إلى الموازنة من أجل وقف الإنهيار الحالي.
بالنسبة إلى مجال العقارات، في الحقيقة شهد هذا القطاع حركة لا بأس بها في السنوات القليلة الماضية، بحيث كان هناك تسهيلات مالية تؤمنها المصارف من خلال قروض مصرف الإسكان المُخصصة للعسكريين والمدنيين، وحتى القروض التي تقدمها البنوك الخاصة، اليوم نحن نفتقد إلى هذه التسهيلات، لذلك نرى هذا الجمود الذي يخيّم على القطاع العقاري. فقد مرّت فترة لا سيّما بعد الحرب، حقق فيها لبنان قفزة نوعية في هذا المجال، ونحن نؤمن بأنّ هذه الغيمة السوداء ستمرّ، وسيتحسّن الوضع تلقائياً مع تحسن الوضع الإقتصادي اللبناني بشكل عام.
- هل من حلحلة قريبة لقضية الإسكان برأيكم؟
إن إيجاد حلٍّ لهذه الأزمة يجب أن يتمّ داخل مجلس الوزراء وبموافقة البرلمان اللبناني بأسرع وقت ممكن، ذلك انه توجد اليوم نحو 2500 شقة وسط البقاع معلّقة، إذ ليس بمقدور المواطن العادي شراء شقة وحتى أن رجال الأعمال باتوا في ضيقة وديونهم بدأت تتكاثر.
- هل لمستم في البقاع إنخفاضاً في أسعار الشقق السكنية؟
نعم بالتأكيد، فأسعار الشقق انخفضت بمعدل 35%، وسأعطيكم مثلاً عن زحلة، ففي هذه المدينة كان سعر المتر لشقة «دولكس» يبلغ 1500$ اليوم انخفض إلى 900$، وفي تعلبايا كان سعر المتر للشقة 1000$ فيما بات يتراوح اليوم بين 600 و 700$، والسبب يعود إلى كثرة العرض مقابل إنخفاض الطلب، ما يعني ركوداً مقلقاً. وهنا لا بدّ من الإشارة، إلى أن لبنان ورغم صغر مساحته يبقى أفضل موقع للسكن في الشرق الأوسط مناخيّاً، سياسياً، أمنياً، تجارياً واجتماعياً، لذلك يجب علينا إستغلال هذا الواقع والإستعانة به للدفع بإتجاه تحسين وضع القطاع العقاري، وبالتالي الإقتصاد الوطني.
- لماذا هذا الفارق الكبير في أسعار الشقق بين بيروت ومناطق أخرى برأيكم؟
أسعار الشقق تتحدد وفق سعر الأرض، وسعر الأرض في البقاع الأوسط هو أدنى بأضعاف من أسعار الأراضي في بيروت التي تبقى العاصمة ومركز الأعمال الأساسي، مع الإشارة إلى أن الأراضي في البقاع الأوسط هي منفتحة و زراعية أكثر مما هي تجارية وعقارية، وهي تشهد حركة عمرانية لا بأس بها.
- ما الحلّ لإعادة هذا القطاع إلى حيويته برأيكم؟
الحلّ يكمن بإعادة ترتيب البيت السياسي اللبناني الداخلي، بحيث يجب أن نكون يداً واحدة وقلباً واحداً من أجل وطننا لبنان، فالإنتماء الوحيد يجب ان يكون للدولة اللبنانية وفقط اللبنانية. ولعلّ هذه النقطة الجوهرية هي الفارق بيننا وبين الدول المتقدمة. وعلى اللبناني أن يعلم أنه إذا فقد الهوية والوطن فعندها لن ينفعه الندم. وبرأيي بناء الاقتصاد القوي في لبنان بحاجة الى ما يلي:
١- تنشيط الحركه العمرانية
٢- تنشيط السياحة في لبنان
٣- تنشيط الزراعة في لبنان
٤- تنشيط الصناعة في لبنان
٥- دعم وتنشيط الحركة التجارية في المصارف اللبنانية.
٦- إقامة مشاريع تنموية حكومية مختلفة تسمح بإيجاد فرص العمل للمواطن بدل الهجره والغربة.
٧- تنشيط عمليات الإستيراد والتصدير وحماية المنتجات اللبنانية.
٨- تنظيم ومراقبة اليد العاملة الأجنبية وتحديد دورها بحيث لا تكون بديلاً عن عمل المواطن اللبناني.
إذا استطاعت الدولة اللبنانية توفير خطة عمل لتنفيذ هذه النقاط وتنفيذها سنصل في نهاية المطاف إلى إقتصاد قوي ومتين.
- كيف تقيّمون مسيرتكم المهنية، وايّ مستقبل تنتظرون؟
أنا في الحقيقة، كنت أعمل في مجال العقارات خارج لبنان وتحديداً في أوروبا، وحين حصلت الأزمة الإقتصادية والمالية منذ عشر سنوات عدت إلى لبنان وعملت في المجال نفسه حيث إفتتحت مكتباً عقاريّاً في شتورة، في تلك الفترة حصل إرتفاع جنوني لأسعار العقارات، وإزدهر القطاع، الأمر الذي إنعكس إيجاباً على عملي، فدخلت مجال البناء ونفذت 3 مشاريع في شتورة وتعلبايا، وهنا لن أقول بأنني ربحت لكنني لم أخسر. علماً بأنني لست أنا المسؤول عن هذا الوضع إنّما الركود الإقتصادي الذي يقع على عاتق مؤسسات الدولة الأساسية بإعتبار أنها تعطي الضوء الأخضر لتنشيط القطاع من خلال الإستقرار السياسي والإقتصادي والأمني الذي توفرّه. فحين ننعم بتوافق سياسي تنشط الحركة وتزدهر الأعمال والعكس صحيح.
- ما هو المطلوب برأيكم لتأمين الاستقرار الاقتصادي؟
نحن نعتبر وضعنا السياسي مستقراً بالنظر إلى الدول المجاورة، إنّما الخوف كلّ الخوف يكمن في تفشي الجرثومة التي إنتشرت في كافة أنحاء العالم العربي وإنتقالها إلينا لتزعزع الاستقرار النسبي الذي ننعم به. من هنا، ندعو إلى إعتماد التوازن والعقلانية في التصاريح والخطابات السياسية، كما ندعوا لعدم الإستئثار بالسلطة وإحترام دستورنا الذي لا يزال يشكل أيقونة الدساتير لأنه يحفظ حقوق المواطنين جميعاً، إنما المشكلة في القيادات التى لا تحترم القوانين وتتخطى أحكام الدستور.
- كلمة ختامية..
نشكر لمجلتكم هذه اللفتة لإلقاء الضوء على قطاع العقارات لا سيما في منطقة البقاع، ونتمنى للبنان وشعبه أن يقفز نحو الأفضل وأن يتجاوز كلّ المطبات وكافة الضغوط، على أمل أن يتحسن الوضع الإقتصادي رأفةً بهؤلاء الشباب الذي يجدون في الهجرة فرصتهم الوحيدة لحياة كريمة تليق بهم.
ابو حسن دياب مكتب شتورا العقاري 03102031
Recent comments