إسرائيل وفرنسا في خضمّ نزاع كبير؛ كيف ستعاقب تل أبيب باريس؟
سمير باكير - غدت إسرائيل مصدر إزعاج لفرنسا وموضع إحراج لها في منطقة غرب آسيا، وردّا على ذلك أعلن وزير الخارجية الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، أنه يعتزم معاقبة ماكرون وسيستخدم أي إجراءات قانونية وسياسية للتعامل معه، فهل سيؤدي هذا التهديد إلى اتخاذ إجراءات ضد حكومة ماكرون؟
في ضوء محاولات فرنسية مُستميتة لوقف إطلاق النار في لبنان، نفّذت إسرائيل المزيد من الغارات الجوية على مواقع لبنانية، بما في ذلك مواقع تدعي أنها تابعة لحزب الله ومناوئيها، الأمر الذي أثار غضب الرئيس الفرنسي.
وفي الواقع فإن فشل فرنسا في هذا الأمر يشكل ضربة كبيرة لهيبة فرنسا داخل لبنان. وكدولة كان لها نفوذ واسع في لبنان فيما سلف، فشلت فرنسا حتى الآن في ضمان وقف إطلاق النار للبنانيين. وبطبيعة الحال، لم تبقى هذه المسألة دون إجابة. وبعد رفض عملياً طلب فرنسا بوقف إطلاق النار، طلب ماكرون رسمياً وقف تصدير أي أسلحة تستخدمها إسرائيل لمهاجمة لبنان.
عقب هذا القرار الصادم لتل أبيب أبدت الجارة الشمالية لفرنسا ردود أفعال إيجابية في هذا السياق أيضاً، حيث أعلنت ألمانيا، التي تعتبر أكبر مُصدّر للأسلحة إلى إسرائيل بعد الولايات المتحدة، أنها تراجع سياساتها ويجب أن تكون قادرة على التحقق من أن الأسلحة المقدمة لإسرائيل لا تُستخدم على المدنيين.
حول هذا القرار الألماني، يوضّح استطلاع للرأي أُجري من الشعب الألماني عقب مقتل مدنيين على يد إسرائيل سبب قرار المسؤولين في برلين. وقد طالب أكثر من 60% من الشعب بوقف تصدير جميع الأسلحة لإسرائيل، وقال هؤلاء الأشخاص بأنه بما أن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية باستخدام الأسلحة الألمانية، فلا ينبغي للحكومة الألمانية أن تدعمها.
أما ماكرون الذي لم تنجح مساعيه لاحتواء بربرية إسرائيل، كان قد ردّ على خطاب نتنياهو في الامم المتحدة وانتقاده لهذه المنظمة مؤكداً بشكل ساخر إن دولة إسرائيل قامت بقرار من الأمم المتحدة ويجب على إسرائيل أن تسترعي انتباهها.
يتكشف من هذه التطورات أن مسار إدانة إسرائيل يتعاظم بشكل متزايد في أذهان الغرب. إضافة إلى ذلك، تشير بعض الأخبار إلى أن مجلس الشيوخ الأميركي أكثر حساسية تجاه صادرات الأسلحة إلى إسرائيل، وأن هذا المجلس ينوي تقييد الحكومة في هذا الشأن.
وفي خضم مسلسل الخلافات بين فرنسا وإسرائيل، أعلنت فرنسا أنه لا يحق لأي شركة إسرائيلية المشاركة في معرض الأسلحة البحرية الفرنسية. أي أنه بالإضافة إلى الإدانات الدبلوماسية التي أعلنها ماكرون ضد إسرائيل، فقد بدأت مرحلة جديدة في التعامل مع تل أبيب، وهي مرحلة العقوبات الاقتصادية. وبهذا الإجراء حاولت فرنسا إحتواء توسع اقتصاد الأسلحة الإسرائيلي، لأن هذه المعارض الدولية تعد من طرق عرض المنتجات الإسرائيلية، وقد تمكنت الصناعة العسكرية الإسرائيلية من كسب أكثر من 5 مليارات دولار سنويا من خلال صادرات الأسلحة.
إلاّ أن الإجراء الفرنسي أثار ردود فعل قوية من المسؤولين الإسرائيليين، وأعلن وزير الخارجية الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، أنه يعتزم معاقبة ماكرون وسيستخدم أي إجراءات قانونية وسياسية للتعامل معه. وبهذه الطريقة، طلب من جميع العاملين في وزارة الخارجية رفع أي إجراء قانوني ضد فرنسا ليكون ردا قويا على تصرفات فرنسا.
وما علينا سوى أن نرى ما الذي سيتمخّض عن النزاع الفرنسي الإسرائيلي، وهل التهديد الفرنسي سيدفع الاتحاد الأوروبي نحو دعمها في هذا المضمار، ليعب ذلك إتخاذ إجراءات عقابية ضد إسرائيل أم لا؟
Recent comments