كتبت مارينا روفايل: "بين السفينة والسكة عدنا لزمن الحمير!"
عزيزي دولة الرئيس دياب،
بعد مشاهدتنا للفيديو المؤثر عن إنجازات المئة يوم لحكومة الإختصاصيين ومستشاريهم، وبعد الكلمة المفعمة بالمشاعر والأحاسيس الخياليّة التي تقشعّر لها الأبدان، دعنا نحن المواطنون العاديون ننصحكم بتغيير جيش المستشارين الخاص بكم والذي جعلكم تبدون إضحوكة أمام هذا الشعب المسكين وأمام المجتمع الدولي الذي لا يزال مندهشا من عظمة إنجازاتكم.. لدرجة انه بات يطلب إستشارتكم لحلحة أزمة الركود الإقتصاد العالمي.
فلو تنبّهت هذه الفرقة لتزامن مقالكم في الـ واشنطن بوست” والذي تبشّرون فيه اللبنايين بالمجاعة القادمة مع ترويج هذا الفيديو الذي أقل ما يُقال فيه انه سخيف، لكنتم تفاديتكم المهزلة والبهدلة التي لا تليق بمقام بروفيسور مثل جانبكم...
لقد تبيّن لنا بعد أوّل مئة يوم يا دولة الرئيس، أنّكم من هواة الإستفزاز والإستفزاز الوقح أيضاً، ذلك أن ما فعلتموه أمس لا يدلّ سوى على نرجسيّة وخفّة وإستهتار بمصير ملايين الناس حتى لا نقول أكثر من ذلك.
فأنتم تعلمون أن اللبنانيين يموتون كلّ يومٍ ألف مرّة قبل كورونا وخلالها، والله وحده يعلم ماذا ينتظرنا بعدها، “في حال قطعت ع خير”، فأنتم من قال بأننا على أبواب مجاعة ...
كيف لا تقولون ذلك، وأنتم خير من يعلم بأن إقتصادنا مدمّر كليّاً وبأننا نسير بقدمٍ وساق نحو قعر المحيط.
أنتم تعلمون ان نسبة البطالة باتت مخيفة وان القدرة الشرائية باتت شبه معدومة لدى غالبية اللبنانيين.
أنتم تدرون بأن الحدّ الأدنى من الخدمات المفترض ان تؤمّنها دولتنا الكريمة تحوّلت إلى أحلام بعيدة المنال.
أنتم تسمعون صرخات المستشفيات، وتشهدون على إغلاق المؤسسات التربوية والصناعية والتجارية والسياحية الواحدة تلو الأخرى من دون أن يرفّ جفنٌ لكم..
أنتم تراقبون فلتان الحدود وفضائح السدود، تتنشقّون روائح الصفقات والنفايات، تتفرّجون على الفساد والفاسدين وتقفون لا حول ولا قوّة لكم عند كلّ استحقاق.
أنتم تشاهدون الدولة تحتضر وتتحضّرون لإحياء مراسم دفنها بدمٍ بارد ...
وبعد كلّ ذلك تطّلون وبكلّ ثقة للحديث عن إنجازات، أي إنجازات هذه؟ فلعلّ مفهوم الإنجازات اختلف بين عامة الشعب ومجموعة "التكنوقراط".
فهل إنهيار العملة الوطنية بهذه السرعة القياسية مثلاً هو الإنجاز المنتظر ام إرتفاع أسعار المواد الغذائية بطريقة هيستيرية مثلاً ؟! هل إنهيار المستوى التعليمي وتدمير ما تبقى من علامات راقية في هذا البلد هو إنجاز أو ربما توزيع “كرتونة إعاشة” للعائلات المحتاجة بات يُدرج في خانة الإنجازات في هذه الأيام البائسة؟ لكن الإنجاز الأكيد هو إنقطاع التيار الكهربائي لأكثر من 20 ساعة في اليوم وهي سابقة لم تشهدها البلدان الأكثر تخلّفاً في القرن الحادي والعشرين...
لذلك يا حضرة الرئيس دياب، اذا كنتم تدرون ما تفعلون مصيبة وإن كنتم لا تدرون ما تفعلون فتلك مصيبة أكبر ...وفي الحالتين فإنّ مجرّد وجودكم في موقع رئاسة الحكومة بات مستفزاًلغالبية الشعب اللبناني..
لذا ننصح دولتكم بتخفيف إطلالاتكم وحديثكم وخطاباتكم الإستعلائية رأفةً بمقام رئاسة الحكومة وبسيرتكم الذاتية المدججة بالشهادات الأكاديمية ورأفةً بالناس المساكين، علماً أنّه يُسجّل لكم تقديمكم في كلّ مرّة مادة دسمة للترفيه في هذا الوقت العصيب.
مارينا روفايل
Recent comments