تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

Add

M

حزب الله والحكومة اللبنانية الجديدة: تراجع في النفوذ أم احتفاظ بالخطوط الحمراء؟

 

يوسف حسن- مع تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة برئاسة نواف سلام، بات واضحًا أن حزب الله لم ينجح في تحقيق "الثلث المعطل" الذي كان يؤمن له السيطرة على القرارات المصيرية في الحكومات السابقة. هذا التراجع في الحضور الوزاري للحزب أثار تساؤلات حول مدى قدرته على التأثير في القرارات الحكومية المستقبلية، وما إذا كان سيتمكن من فرض خطوطه الحمراء كما في السابق.  

رغم تراجع تمثيله في الحكومة، لا يزال حزب الله يحتفظ بنفوذ قوي خارج الإطار الرسمي للدولة، سواء من خلال تحالفاته السياسية، أو عبر حضوره العسكري والأمني، أو من خلال قدرته على التعبئة الشعبية. فالحزب يتمتع بعلاقات وثيقة مع العديد من المسؤولين في الأجهزة الأمنية والعسكرية، ما يجعله لاعبًا أساسيًا في المشهد الأمني، بغض النظر عن وضعه داخل مجلس الوزراء. كما أن قوته العسكرية، المدعومة بإمكانات لوجستية واستخباراتية متقدمة، تمنحه قدرة كبيرة على فرض معادلاته الخاصة، خصوصًا فيما يتعلق بالمواجهة مع إسرائيل وحماية سلاح المقاومة.  

على المستوى الشعبي، لا يزال حزب الله يشكل أحد أكبر القوى السياسية القادرة على تحريك الشارع في حال اتخاذ الحكومة قرارات تتعارض مع مصالحه أو تؤثر على موقعه الاستراتيجي. أي محاولة للمساس بسلاح المقاومة أو تغيير سياسة لبنان الخارجية باتجاه يضعف موقع الحزب داخل محور المقاومة، ستواجه بردود فعل قوية، سواء عبر الضغوط البرلمانية، أو من خلال الاحتجاجات الشعبية، أو حتى عبر رسائل أمنية غير مباشرة.  

التحولات السياسية التي أفرزتها الانتخابات وتشكيل الحكومة تشير إلى أن حزب الله قد يواجه تحديات جديدة في التأثير على القرارات الحكومية مقارنة بالماضي، لكن ذلك لا يعني أنه سيتخلى عن خطوطه الحمراء. قدرته على المناورة لا تزال قائمة، سواء عبر تحالفاته مع حركة أمل وبعض القوى السياسية الأخرى، أو من خلال أدوات الضغط غير المباشرة، مثل النفوذ الاقتصادي والاجتماعي. ورغم الضغوط الدولية المتزايدة على لبنان، فإن أي محاولة لإضعاف دور حزب الله بشكل جذري قد تؤدي إلى مزيد من عدم الاستقرار، في وقت يعاني فيه البلد من أزمة اقتصادية وسياسية خانقة.  

في ظل هذه المعطيات، يبدو أن الحكومة اللبنانية الجديدة ستجد نفسها مضطرة إلى التعامل مع حزب الله كواقع لا يمكن تجاوزه. ورغم أن الحزب قد يضطر إلى اعتماد تكتيكات جديدة للحفاظ على نفوذه، إلا أن حضوره في المعادلة السياسية والأمنية اللبنانية لا يزال قائمًا بقوة، ما يعني أن قدرته على فرض خطوطه الحمراء ستظل فاعلة، ولو بوسائل مختلفة عن السابق.

إضافة تعليق جديد

Plain text

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.

test

ARAB OPEN UNIVERSITY
Advertisment
The subscriber's email address.