طائرُ الفينيق إذا ما خَفقَ جناحاه .
بموازاة "الجيوسياسية المتغيرة" سريعاً من حولنا ، وبمنأى عن تداعيات ما قد يطرأ ( وهذا متوقع حكماً ، بواقع التاريخ والجغرافيا ) ،
فإن تكلفة الحرب على لبنان والخسائر البشرية والمعنوية والمادية بلغت ارقاماً خيالية في ما اطلق عليه حرب الإسناد والدفاع عن لبنان ال 10452 كلم مربع ، وللتذكير فإن مساحة بلدنا هذا الصغير بمساحته ، يشكل ربع (1/4) مساحة محافظة حمص السورية وحدها والبالغة 44000 كلم مربع ، والتي تجاور حدودنا وتلفها من أقصى الشمال اللبناني الى الحدود البقاعية الملاصقة لريف دمشق .
الكلُ من المراقبين والمتابعين بات شاخصاً للواقعِ المستجد في المنطقة ومترقّب بحذر لما تخبِئه التطورات والتحديات وما تخفيه كواليس المشهد الحالي ، وما ستحمله الايام الآتية وعلى صهوة أي جواد وما هو " أصله وفصيله وفصيلته " ؟ وتالياً من هو الفارس الحقيقي والخيّال المناسب المؤتمن والقادر ؟
أصعب وأخطر المراحل في التأسيس والنضال السياسيين لدى الشعوب والدول ، هي المرحلة الإنتقالية ،
( La période
transitoire )
عسى أن تمرّ المرحلة تلك بأقل الخسائر وألا يختلط (حابل الثوار بنابل النظام المغادر "قسراً وطوعاً" في آن ) ، وألا تعمّ الفوضى ، و تحصل تصفية الحسابات الإنتقامية كما تجري العادة عند حصول اي تغيير سياسي او انقلاب او تبدّل أنظمة وما شاكل ، وتحاشي حمّامات الدم التي يتوقعها البعض ( لا سمح الله ) .
طائرُ الفينيق يحلّق عالياً .
وبالإنتقال الى واقعنا اللبناني وعلى مستوى الوضع المعيشي والنقدي والمالي والاستقرار الأمني ، لمعاودة النهوض مجددا بعد كل كبوة متأتية إما من أزمات سياسية ام حروب أم من انتهاكات للدستور وتجاوزٍ للقانون كما واستشراءِ الفساد وتهالك مفاصل الدولة وتزعزع هيكلها ،
نؤكد مجدداً أن لبنان كطائر الفينيق ، يخفقُ جناحيه ويحلّقُ عالياً وبسرعةِ "طائر الحر" بعد كل أزمةٍ ، رغم خسائر الحرب الأخيرة المقدّرة وفق الدراسات الإحصائية مابين 12 و 15 مليار دولار أميركي ، ( في الوقت الذي كنا نسعى للحصول على خمس 1/5 هذا المبلغ لإعادة النهوض الإقتصادي والمالي قبل الحرب الأخيرة ) .
القاعدة الذهبية المنقِذة .
نؤكد جازمين أنه لو مرّ على أي بلدٍ في العالم ما قد مرّ على لبناننا ، ( مهما كان حجمه وإمكاناته وقُدراته ومُقدّراته وموقعِه ودورِه ) ، لتمّ مَحيهِ من الوجود وأزيل عن خريطة الكُرة الأرضية ،
إنه وطن الصمود يا سادة ، فلا الأرز ينحني ولا الزيتون ينكسرُ فيه ،
وطنُ الشعب الجبّار المتجذّر في أرضِه فلا تقتلعه العواصف الهوجاء ولا الرياح العاتيات مهما بلغت قوتها ، وطنُ الإبداع والخَلق وتحويلِ النكباتِ والأزماتِ الى فرصٍ للتطوير والتحفيز الإيجابي والإنطلاق مجددا الى حيث خيوط نور الشمس وفضاء الحياةِ العزيزة الكريمة ،
وهذا ما تأكد كما كل مرة لا سيما إبّان أحداث هذه السنة المنصرِمة أن صمود لبنان وشعبه قائم على قاعدة متينة صلبة ، مثلثة الأضلاع ،
الضلعُ الأول هو الدياسبورا
( Diaspora ) ال اللبنانية المنتشرة في أصقاع الأرض
والتي تشكل شريان
ِالدعم الأساس لعيشِ
شعبنا واستمراريته في الحياة الكريمة ، وذلك إنطلاقاً من تعلّقهم بوطنهم الأم .
ثاني الأضلع ، ألا وهو القطاع الخاص ، بكل مؤسساته ونقاباته وقدراته وإبداعاته وخلقِه واستثماراته وإقدامه وجرأته وتجاوزه لكل المتاعب والصعوبات .
ثالث الأضلع لهذه القاعدة الصلبة ، هو الجيش اللبناني حامي الوطن ورمز وحدتِه وحافظِها وعصب لُحمِته والذي يُشكّل "عامود خيمة الوطن" قاطبةً ودون منازعٍ بمساعدة ومؤازرة سائر القوى الأمنية والعسكرية الرسمية.
أما سرٌ الأسرار لبقاء هذا الوطن وثباتِه ، يَكمن في أنه بلد القداسة والقديسين الكُثر ، وبحمايتِهم وبشفاعتِهم وبصلواتِ ودعاءاتِ أبنائِه المؤمنين والمؤمنات من كافة مكوناتِه ،آملين الحفاظَ على طاقاتِنا الشبابية الخلّاقة والرائدة ، وخلقِ فرص عملٍ لهم ، للحدِ من هجرة الأدمغة اللبنانية المُبدعة في مختلف المجالات وعلى كافة المستويات ،
فما أضيق العيش لولا فُسحة الأمل ،
والسلام على ملك السلام الذي احتفلنا بعيد ميلاده في 25 كانون الأول 2024 على أمل أن تحمل سنة 2025 كل الأمنيات الطيبة للبشرية جمعاء وكل عام وشعبنا اللبناني وشعوب منطقتِنا ينعمون بالأمن والأمان والاستقرار والإزدهار والتقدم بعد كل التضحيات الجسام التي بُذلت ، و نختم قائلين "على قدرِ أهل العزم ِ تأتي العزائمُ " .
Recent comments